للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستمسكون بسنته ، فمن شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا (١)؛ لأنه يصير إلى الجنة، وعنده أنهارها: «وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى» [طه: ١١٩] فليس فيها ظمأ ولا جوع؛ لأن كل مطالب النفوس موجودة، «يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ» [الزخرف: ٧١]، ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [محمد: ١٥] «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ» [الأعراف: ٤٣] في آيات كثيرة.

ومما جاء في أحاديث الحوض أنه: «يشخب فيه ميزابان من الجنة» (٢) ميزابان يصبان فيه ـ الله أعلم بقدرهما وصفتهما ـ من نهر الكوثر الذي أعطاه الله وأكرمه به «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» [الكوثر: ١] والمعتمد في تفسيره: أنه نهر في الجنة أكرمه الله به، ففي حديث أنس أن النبي قال: «أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي ﷿ عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم». (٣)

فيجب الإيمان بما دلت عليه هذه الأخبار، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، ولهذا قال الطحاوي: (والحوض الذي أكرمه الله تعالى به ـ غياثًا لأمته ـ حق).

وورد في حديث رواه الترمذي أن النبي قال: (إن لكل نبي حوضا) (٤)؛ ولكن أعظمها حوض نبينا ؛ لأن المؤمنين من أمته


(١) نفس تخريج حديث سهل وأبي سعيد السابق.
(٢) رواه مسلم (٢٣٠٠) عن أبي ذر ، و (٢٣٠١) عن ثوبان .
(٣) رواه مسلم (٤٠٠) من حديث أنس .
(٤) الترمذي (٢٤٤٣)، وقال: حديث غريب، وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي مرسلا، ولم يذكر فيه عن سمرة، وهو أصح، وانظر: فتح الباري ١١/ ٤٦٧، والسلسلة الصحيحة (١٥٨٩).

<<  <   >  >>