للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفيها حدد العزيز هدنة مع كندهري طاغية الفرنج فما لبث الكلب أن سقط من موضع بعكا، فمات، واختلت أحوال الفرنج قليلًا، وأقبل الأفضل على التعبد ودبر ملكه ابن الأثير ضياء الدين، فاختلت به الأحوال.

وكانت بالأندلس الملحمة العظمى، وقعة الزلاقة بين يعقوب وبين الفنش الذي استولى على بلاد الأندلس، فأقبل اللعين في مائتي ألف، وعرض يعقوب جنده فكانوا مائة ألف مرتزقة، ومئة ألف مطوعة، عدوا البحر إلى الأندلس فنزل النصر ونجا قليل من العدو؛ قال أبو شامة: عدة القتلى مائة ألف وستة وأربعون ألفًا، وأسر ثلاثون ألفًا، وأخذ من خيامهم مائة ألف خيمة وخمسون ألفًا، ومن الخيل ثمانون ألف رأس، ومن البغال مائة ألف، ومن الحمير التي لأثقالهم أربع مائة ألف، وبيع الأسير بدرهم، والحصان بخمسة، وقسم السلطان الغنيمة على الشريعة، واستغنوا. وكانت الملحمة يوم تاسع شعبان.

وفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة: فيها أطلق طاشتكين أمير الحاج وأعطي خوزستان.

وفيها حاصر العزيز دمشق ثالثًا، ومعه عمه فتملكها وذل الأفضل. وأقبل خوارزم شاه ليتملك بغداد.

وفيها التقى الفونش، ويعقوب ثانيًا فانكسر الفنش، وساق يعقوب خلفه إلى طليطلة ونازلها وضربه بالمنجنيق، ولم يبق إلَّا أخذها، فخرج إليه أم الفنش وبناته يبكين فرق لهن ومن عليهن وهادن الفنش، لأن ابن غانية غلب على أطراف المغرب فتفرغ يعقوب له.

وفيها كتب الفاضل إلى القاضي محيي الدين ابن الزكي:

ومما جرى بأس من الله طرق ونحن نيام، وظن أنه الساعة، ولا يحسب المجلس أني أرسلت القلم محرفًا والقول مجزفًا، فالأمر أعظم؛ أتى عارض فيه ظلمات متكاثفة، وبروق خاطفة، ورياح عاصفة، قوى ألهوبها، واشتد هبوبها، وارتفعت لها صعقات، ورجفت الجدر، واصطفقت وتلاقت واعتنقت، وثار عجاج فقيل: لعل هذه على هذه قد انطبقت، ففر الخلق من دورهم يستغيثون، قد انقطعت علقهم، وعميت عن النجاة طرقهم، فدامت إلى الثلث الأخير، وتكسرت عدة مراكب. إلى أن قال: والخطب أشق، وما قضيت بغير الحق.

وفيها أخذت الفرنج بيروت، وهرب متوليها سامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>