للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصاحب من الذهب العين أزيد من ألف ألف دينار، وكان عسوفًا فاجرًا رافضيًا، ووزر جلال الدين عبيد الله بن يونس، وكان شاهدًا، فارتقى إلى الوزارة.

وفيها بعث السلطان طغرل بن أرسلان بن طغرل السلجوقي أن تعمر له دار المملكة لينزل بها، وأن يخطب له، فهدم الناصر داره ورد رسوله بلا جواب، وكان ملكًا مستضعفًا مع الملوك، فمات البهلوان، فتمكن، وطاش.

وفيها فتحت القدس وغيرها، واندكت ملوك الفرنج، وكسروا وأسروا، قال العماد: فتحت ست مدائن وقلاع في ست جمع: جبلة واللاذقية وصهيون والشغر وبكاس وسرمانية، ثم أخذ حصن برزية بالأمان ثم رحل صلاح الدين -أيده الله- إلى دربساك، فتسلمها، ثم إلى بغراس فتسلمها، وهادن صاحب أنطاكية، ودام الحصار على الكرك والمطاولة، فسلموها لجوعهم، ثم أعطوا الشوبك بالأمان، ثم نازل السلطان صفد.

وفي سنة ٨٤: كان صلاح الدين لا يفتر ولا يقر عن قتال الفرنج.

وسار عسكر الناصر عليهم الوزير ابن يونس فعمل المصاف مع السلطان طغرل، فانهزم عسكر الناصر، وتقاعسوا، وثبت ابن يونس في نفر، بيده مصحف منشور وسيف مشهور، فأخذ رجل بعنان فرسه وقاده إلى مخيم فأنزله، فجاء إليه السلطان ووزيره فلزم معهم قانون الوزارة، ولم يقم، فعجبوا، ولم يزل محترمًا حتى رد، وأما صاحب المرآة فقال: أحضر ابن يونس بين يدي طغرل، فألبسه طرطورًا بجلاجل، وتمزق العسكر، وسار قزل أخو البهلوان فهزم طغرل، ومعه ابن يونس فسار إلى خلاط، فأنكر عليه بكتمر ما فعله، قال: هم يؤوني، قال: فأطلق الوزير، فما قدر يخالفه، فجهزه بكتمر بخيل ومماليك، فرد ذلك، وأخذ بغلين برجلين، وسار معه غلامه في زي صوفي إلى الموصل متنكرًا، ثم ركب إلى بغداد في سفينة.

وفي سنة خمس وثمانين: نفذ طغرل تحفًا وهدايا، واعتذر واستغفر.

وظهر ابن يونس، فولي نظر المخزن، ثم عزل بعد أشهر.

وفيها وفي المقبلة: كان الحصار الذي لم يسمع بمثله أبدًا على عكا، كان السلطان قد افتتحها وأسكنها المسلمين، فأقبلت الفرنج برًا وبحرًا من كل فج عميق، فأحاطوا بها، وسار صلاح الدين فيدفعهم فما تزعزعوا ولا فكروا بل أنشأوا سورًا وخندقًا على معسكرهم، وجرت غير وقعة، وقتل خلق كثير يحتاج بسط ذلك إلى جزء، وامتدت المنازلة والمطاولة والمقاتلة نيفًا وعشرين شهرًا، وكانت الأمداد تأتي العدو من أقصى البحار، واستنجد صلاح

<<  <  ج: ص:  >  >>