للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجَرِ وَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ بِهِ، أَوْ الْإِيلَاجِ فِيهِ وَإِيجَابِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ، وَلِخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيَّ. وَالْمَعِدَةُ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ مِنْ الْمَكَانِ الْمُنْخَسِفِ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ. أَمَّا مَنِيُّهُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَأَنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ؛ فَيُجَامِعُهُ وَدَخَلَ فِي غَيْرِ مَنِيِّهِ مَنِيُّ غَيْرِهِ فَيَنْقُضُ فَتَعْبِيرِي بِمَنِيِّهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَنِيِّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

هَذَا عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَتُهُ التَّفْرِيعَ عَلَى الْمُقَابِلِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا لَا يَثْبُتُ لَهُ إلَّا النَّاقِضُ بِالْخَارِجِ فَقَطْ، وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ ثَابِتَةٌ لِلْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِانْسِدَادُ خِلْقِيَّا فَإِنَّ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا تَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ اهـ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ أَيْ: فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّقْبَ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ، وَلَا يَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْعَوْرَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ حَيْثُ أُقِيمَ الثَّقْبُ أَيْ: عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الثَّقْبَ يَنْقُضُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ فَوْقَ الْعَوْرَةِ) ظَرْفٌ لِلْإِيجَابِ، وَالتَّحْرِيمِ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ هَذَا كُلِّهِ إذْ لَا يَتَفَرَّعُ إلَّا عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الثَّقْبَ إذَا كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ، وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا يَنْقُضُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ لِلْأَصْلِيِّ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَوْرَةِ تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ شَيْخَهُ الْمَحَلِّيَّ الَّذِي فَرَّعَهُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ وَهُوَ أَنَّ الْمُنْفَتِحَ فَوْقَ الْعَوْرَةِ يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ؛ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَإِيجَابُ سُتْرَةٍ وَتَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَخْ لِأَنَّ الْمُنْفَتِحَ فَوْقَ الْعَوْرَةِ لَا يُقَامُ حِينَئِذٍ مَقَامَ الْأَصْلِيِّ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ فَكَيْفَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ؟ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمَعِدَةُ) أَيْ: عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا أَيْ: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ السُّرَّةُ أَيْ: وَمَا حَاذَاهَا فَهُوَ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ. (قَوْلُهُ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) وَمِثْلُهُ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ بِخِلَافِ إلْقَاءِ بَعْضِ الْوَلَدِ فَيَنْقُضُ وَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ. ز ي وَمِنْ فَوَائِدِ عَدَمِ النَّقْضِ بِالْمَنِيِّ صِحَّةُ صَلَاةِ الْمُغْتَسِلِ بِدُونِ وُضُوءٍ قَطْعًا وَلَوْ قُلْنَا بِالنَّقْضِ لَكَانَ فِيهَا بِدُونِ وُضُوءٍ خِلَافٌ وَنِيَّةُ السُّنِّيَّةِ بِوُضُوئِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَوْ نَقَضَ لَنَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُ م ر خِلَافٌ لِأَنَّهُ قِيلَ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ. (قَوْلُهُ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ: اللَّذَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنْ لَا وُضُوءَ بِإِلْقَاءِ الْوَلَدِ الْجَافِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ انْعَقَدَ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ اسْتَحَالَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِخُصُوصِهِ) أَيْ: بِخُصُوصِ كَوْنِهِ مَنِيًّا، وَقَوْلُهُ بِعُمُومِهِ أَيْ: بِعُمُومِ كَوْنِهِ خَارِجًا. (قَوْلُهُ كَزِنَا الْمُحْصَنِ) أَيْ: فَإِنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الرَّجْمُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ زِنَا مُحْصَنٍ وَلَمْ يُوجِبْ أَدْوَنَهُمَا وَهُوَ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ زِنًا ح ل وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يُوجِبُ أَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ كَالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا وَأَدْوَنَهُمَا، وَهُوَ الْقَضَاءُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ فِطْرًا وَأَدْوَنَ مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ التَّعْزِيرُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالطَّهَارَةِ أَوْ الْحَدِّ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَكُونُ بِالصَّوْمِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا أَصَالَةُ الْعِتْقِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ شَيْخُنَا فِي الْفَيْضِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ) أَيْ: الْأَدْوَنَ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ، وَإِيجَابُهُ فَرْعُ إبْطَالِهِ. ح ل.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ: الْوَاجِبِ أَوْ الْمُبِيحِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَلَا تَرِدُ صِحَّةُ الْوُضُوءِ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ غَيْرَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُطْلَقًا أَيْ: فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِمَا، وَفِي الدَّوَامِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَلَا يُجَامِعَانِهِ أَيْ: فِي الدَّوَامِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ قَاسَ الدَّوَامَ عَلَى الِابْتِدَاءِ فِي الْبُطْلَانِ، وَفِيهِ أَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمَذْكُورَةَ تُنَافِي الْوُضُوءَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَكَيْفَ تُجْعَلُ مُنَافَاتُهُمَا لِلْوُضُوءِ ابْتِدَاءً أَصْلًا؟ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مُنَافَاتُهُمَا لَهُ فِي الدَّوَامِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ) افْهَمْ أَنَّ السَّلِيمَ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ حَالَ نُزُولِ الْمَنِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ، وَهِيَ لَا تُسْتَبَاحُ مَعَ الْجَنَابَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.

ع ش إطْفِيحِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَةِ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَصِحُّ الْوُضُوءُ مَعَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ سَلَسٌ أَيْ: وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ مَنِيِّهِ، وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّ الْحَائِضَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطُّهْرُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْوُضُوءِ مَعَ نُزُولِ الْمَنِيِّ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ طُهْرٌ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ ع ش عَلَى م ر قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّشِيدِيُّ: إنَّمَا قَصَرَ التَّصْوِيرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>