بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ (تَقْرِيبًا) أَخْذًا مِنْ عُرْفِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُمَا فِي ذَلِكَ مُجْتَمِعِينَ فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) شُرِطَ (فِي بِنَاءٍ) بِأَنْ كَانَا بِبِنَاءَيْنِ كَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ مِنْ دَارٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِبِنَاءٍ، وَالْآخَرُ بِفَضَاءٍ (مَعَ مَا مَرَّ) آنِفًا إمَّا (عَدَمُ حَائِلٍ) بَيْنَهُمَا يَمْنَعُ مُرُورًا أَوْ رُؤْيَةً (أَوْ وُقُوفُ وَاحِدٍ حِذَاءَ مَنْفَذٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَائِلِ إنْ كَانَ فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ مُرُورًا كَشُبَّاكٍ أَوْ رُؤْيَةٍ كَبَابٍ مَرْدُودٍ أَوْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ فِيمَا مَرَّ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَيْ وَإِنْ بَلَغَ مَا بَيْنَ الْأَخِيرِ، وَالْإِمَامِ فَرَاسِخَ بِشَرْطِ إمْكَانِ مُتَابَعَتِهِ لَهُ اهـ م ر (قَوْلُهُ: بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) أَيْ الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ شِبْرَانِ أَيْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا لَا بِذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ وَهُوَ ذِرَاعٌ وَثُلُثٌ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ عُرْفِ النَّاسِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَاجْتَمَعَا فِي ذَلِكَ الْحِنْثُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْأَيْمَانِ غَيْرُهُ هُنَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي مَكَان أَوْ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ فِيهِ فَاجْتَمَعَ بِهِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَحْنَثْ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) أَيْ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَفَاحِشَةٍ كَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَمَا قَارَبَهَا وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اغْتَفَرُوا الثَّلَاثَةَ هُنَا وَلَمْ يَغْتَفِرُوا فِي الْقُلَّتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ رِطْلَيْنِ لِأَنَّ الْوَزْنَ أَضْبَطُ مِنْ الذِّرَاعِ فَضَايَقُوا ثَمَّ أَكْثَرَ مِمَّا هُنَا لِأَنَّهُ اللَّائِقُ ح ل وَقَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهَا تَبَعٌ فِيهِ م ر، وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا قَارَبَهَا مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ كَانَ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا قَارَبَهَا مِنْ جِهَةِ الزِّيَادَةِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَا زَادَ يَضُرُّ وَإِنْ قَلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ ثَلَاثٌ بِلَا تَاءٍ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَ الذِّرَاعِ أَفْصَحُ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ حَائِلٍ) أَيْ ابْتِدَاءً فَإِنْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَضُرَّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ مُرُورًا) أَيْ اسْتِطْرَاقًا عَلَى الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ إخْلَافٍ بِالِاسْتِقْبَالِ بِأَنْ تَكُونُ الْقِبْلَةُ خَلْفَ ظَهْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ م ر بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: أَوْ وُقُوفُ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ وُجُودُ الْحَائِلِ مَعَ الْوُقُوفِ وَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إلَّا فِي أَحَدِ قِسْمَيْ الْحَائِلِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَمْنَعُ الْمُرُورَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ مَنْفَذٌ وَأَشَارَ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ أَيْ الْمَنْفَذُ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْمَنْفَذِ مَعَ وُقُوفِ الرَّابِطَةِ أَوْ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ ظَهْرُ الْمَأْمُومِ لِلْقِبْلَةِ كَمَا نَقَلَ عَنْ م ر (قَوْلُهُ: حِذَاءَ مَنْفَذٍ) أَيْ مُقَابِلَهُ يُشَاهِدُ الْإِمَامَ أَوْ مَنْ مَعَهُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّابِطَةَ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ مَعَهُ كَأَنْ سَمِعَ صَوْتَ الْمُبَلِّغِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْوَاقِفِ قُبَالَةَ الْمَنْفَذِ أَنْ يَرَى الْإِمَامَ أَوْ وَاحِدًا مِمَّنْ مَعَهُ فِي بِنَائِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَمُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الرَّابِطَةِ بَصِيرًا وَأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي ظُلْمَةٍ بِحَيْثُ تَمْنَعُهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْإِمَامِ أَوْ أَحَدًا مِمَّنْ مَعَهُ فِي مَكَانِهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ حِذَاءَ مَنْفَذٍ كَائِنٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ الْمَنْفَذُ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ (قَوْلُهُ: كَشُبَّاكٍ) أَيْ وَخَوْخَةٍ صَغِيرَةٍ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَبَابٍ مَرْدُودٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُغْلَقْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ) قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ لَا يَسْتَقِيمُ إذْ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ لَكِنْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إلَخْ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ مُغْلَقٍ مَعَ عَدَمِ الْحَائِلِ اهـ وَيُرَدُّ مَا ذُكِرَ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا جَعَلَ الْعَطْفَ عَلَى قَوْلِهِ حَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْعَطْفُ عَلَى الْقَيْدِ أَعْنِي يَمْنَعُ دُونَ مُقَيَّدِهِ وَهُوَ حَالَ، وَالْمَعْنَى أَوْ حَالَ مَا لَا يَمْنَعُ مُرُورًا وَلَا رُؤْيَةً بِأَنْ كَانَ فِيهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ لَكِنْ لَمْ يَقِفْ أَحَدٌ بِحِذَائِهِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْوَاوِ فَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إذَا حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ وَلَمْ يَقِفْ فِيهِ أَحَدٌ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ مِنْ أَنَّ الْحَائِلَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ أَوْ الْمُرُورَ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش وَقَوْلُ ع ش لَيْسَ فِيهِ بَابٌ مَفْتُوحٌ قَدْ يُقَالُ الَّذِي يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ يَصْدُقُ بِوُجُودِ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ لِأَنَّ الْحَائِلَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ بِالنَّظَرِ عَمَّنْ بَعُدَ عَنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ صَحِيحًا بِالنَّظَرِ لِمَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَقِيلَ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَرْدُودٍ أَيْ أَوْ مَفْتُوحٍ وَلَمْ يَقِفْ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ) أَيْ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي ضِمْنِ الْمَفْهُومِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute