إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِيهِ إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّكُوعَ كَالْقِيَامِ وَقَوْلِي فِي قِيَامٍ مِنْ زِيَادَتِي. (وَهُوَ) أَيْ تَأَخُّرُهُمَا (أَفْضَلُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي حَتَّى أَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانِهِ هَذَا (إنْ أَمْكَنَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) أَنْ (يَصْطَفَّ ذَكَرَانِ) وَلَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ صَبِيًّا وَرَجُلًا جَاءَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ (خَلْفَهُ كَامْرَأَةٍ فَأَكْثَرَ) وَلَوْ جَاءَ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ قَامَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الذَّكَرِ أَوْ ذَكَرَانِ وَامْرَأَةٌ صُفَّا خَلْفَهُ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْخُنْثَى
(وَ) أَنْ (يَقِفَ خَلْفَهُ رِجَالٌ) لِفَضْلِهِمْ (فَصِبْيَانٌ) لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا اسْتَوْعَبَ الرِّجَالُ الصَّفَّ وَإِلَّا كُمِّلَ بِهِمْ أَوْ بِبَعْضِهِمْ (فَخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ وَذِكْرُهُمْ مِنْ زِيَادَتِي. وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (فَنِسَاءٌ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ لِيَلِيَنِّي بِتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَ الْيَاءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ فِيهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّكُوعَ) وَمِثْلَهُ الِاعْتِدَالُ لِأَنَّهُ قِيَامٌ فِي الصُّورَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: جَبَّارُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ رَاءٌ (قَوْلُهُ: لِضِيقِ الْمَكَانِ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ تُرَابٍ يُشَوِّهُ خِلْقَتَهُ أَوْ يُفْسِدُ ثِيَابَهُ أَوْ يَضْحَكُ عَلَيْهِ النَّاسُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ التَّقَدُّمَ أَوْ التَّأَخُّرَ مَنْ أَمْكَنَهُ دُونَ الْآخِرِ فَهَلْ تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَقَدُّمٌ وَلَا تَأَخُّرٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَوْ تَفُتْهُمَا مَعًا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَقْصِيرِ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ اهـ. ع ش عَلَى م ر
. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَصْطَفَّ ذَكَرَانِ خَلْفَهُ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَأَنْ يَقِفَ ذَكَرٌ عَنْ يَمِينِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ حَضَرَ وَحْدَهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَامْرَأَةٍ) أَيْ وَلَوْ زَوْجَةً أَوْ مُحْرِمًا (قَوْلُهُ: صَفًّا خَلْفَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونَانِ مُحَاذِيَيْنِ لِبَدَنِهِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ: أَيْ قَامَا صَفًّا اهـ. وَهَذَا الْحَلُّ مِنْهُ يَقْتَضِي أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَ الشَّارِحِ صَفَّا بِفَتْحِ الصَّادِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ فَإِنَّ صَفَّ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ صَفَفْت الْقَوْمَ فَاصْطَفُّوا وَصَفُّوا اهـ. مِصْبَاحٌ بِالْمَعْنَى اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ لِكُلٍّ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِجِنْسِهِ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا) أَيْ لِاحْتِمَالِ الْأُنُوثَةِ وَلَمْ يَقُلْ خَلْفَهُ أَيْ الذَّكَرِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْإِمَامِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْأُنْثَى أَيْ لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ. اهـ. ح ل
. (قَوْلُهُ: لِفَضْلِهِمْ) أَيْ بِالْبُلُوغِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الصِّبْيَانُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ بِعِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الرِّجَالَ يُقَدَّمُونَ أَيْضًا اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَصِبْيَانٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَحُكِيَ ضَمُّهُ وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَوْعَبَ الرِّجَالُ الصَّفَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَضَامِّينَ بَلْ وَقَفُوا عَلَى وَجْهٍ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ الصِّبْيَانُ لَوَسِعَهُمْ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي الصَّفِّ خَلَاءٌ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي كَلَامِ ز ي مِنْ تَضْعِيفِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَظَاهِرٌ إلَخْ ع ش أَيْ فَلَا يَدْخُلُونَ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْفُرْجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُمِّلَ بِهِمْ أَوْ بِبَعْضِهِمْ) وَيَقِفُونَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ اتَّفَقَتْ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي جَانِبٍ أَوْ اخْتَلَطُوا بِالرِّجَالِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَخَنَاثَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ صَفُّ الصِّبْيَانِ وَلَا يُكَمَّلُ بِهِمْ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِمْ وَقَوْلُهُ: بِنِسَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ صَفُّ الْخَنَاثَى وَلَا يُكَمَّلُ بِهِمْ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ ز ي وَيُقَدَّمُ مِنْ الْإِنَاثِ الْبَالِغَاتُ عَلَى غَيْرِهِنَّ ح ل (قَوْلُهُ: الْأَحْلَامِ) جَمْعُ حُلُمٍ بِضَمَّتَيْنِ وَهُوَ الِاحْتِلَامُ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: ٥٩] فَالْمُرَادُ بِهِمْ الْبَالِغُونَ وَقَوْلُهُ: وَالنُّهَى أَيْ الْعُقُولِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْأَحْلَامُ جَمْعُ حِلْمٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الرِّفْقُ فِي الْأَمْرِ، وَالتَّأَنِّي فِيهِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُ مِنْهُ الْبُلُوغُ فَيَكُونُ أَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَأَرَادَ اللَّازِمَ (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) أَيْ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَاحِدَةً أَعْنِي قَوْلَهُ لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ مَرَّتَيْنِ مَعَ هَذِهِ فَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُرَادًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَنَاثَى بِدَلِيلِ أَنَّ أَحْكَامَهُمْ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: إنَّهُ شَامِلٌ لِلْخَنَاثَى وَنَصَّ عَلَيْهِمْ لِعِلْمِهِ بِوُجُودِهِمْ بَعْدُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ثَلَاثًا رَاجِعًا لِقَوْلِهِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ أَيْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَيْ غَيْرَ الْأُولَى وَكَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ فِي الثَّالِثَةِ الَّتِي الْمُرَادُ مِنْهَا النِّسَاءُ أَنْ يُقَالَ: ثُمَّ اللَّاتِي يَلِينَهُمْ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِاَلَّذِينَ وَبِوَاوِ جَمْعِ الذُّكُورِ لِمُشَاكَلَتِهِ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ النُّونِ) وَهِيَ إمَّا نُونُ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ مَعَ حَذْفِ نُونِ الْوِقَايَةِ أَوْ الْخَفِيفَةِ مَعَ بَقَاءِ نُونِ الْوِقَايَةِ وَإِدْغَامِهَا فِيهَا، وَالْفِعْلُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى فَتْحِ آخِرِهِ وَهُوَ الْيَاءُ وَمَحَلُّهُ جَزْمٌ فَاللَّامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute