عِنْدَ الْكَعْبَةِ) تَبَعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلصَّحَابَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. (وَ) أَنْ (يَسْتَدِيرُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ (حَوْلَهَا) إنْ صَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيَحْصُلَ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ إلَيْهَا (وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُمْ أَقْرَبَ إلَيْهَا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ) مِنْهُ إلَيْهَا فِي جِهَتِهِ لِانْتِفَاءِ تَقَدُّمِهِمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ رِعَايَةَ الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ مِمَّا يَشُقُّ بِخِلَافِ الْأَقْرَبِ فِي جِهَتِهِ فَيَضُرُّ فَلَوْ تَوَجَّهَ لِلرُّكْنِ فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ أَوْ لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ (كَمَا) لَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمَأْمُومِ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِ إلَى مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ (لَوْ وَقَفَا فِيهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (وَاخْتَلَفَا جِهَةً) كَأَنْ كَانَ وَجْهُ الْمَأْمُومِ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ أَوْ ظَهْرُهُ إلَى ظَهْرِهِ فَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً ضَرَّ ذَلِكَ وَلَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ فِيهَا، وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهَا جَازَ وَلَهُ التَّوَجُّهُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَقَامَ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ لِلْكَعْبَةِ فَلَا يَكُونُ الْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَقِفَ إمَامٌ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ز ي: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَلْفِهِ مَا يُسَمَّى خَلْفَهُ عُرْفًا وَأَنَّهُ كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ كَانَ الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ أَمَامَ الْمَقَامِ يَعْنِي بِأَنْ يَقِفَ قُبَالَةَ بَابِهِ لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَ خَلْفَ الْمَقَامِ وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ صَارَ الْمَقَامُ خَلْفَ ظَهْرِهِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلَهُ خَلْفَ الْمَقَامِ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقَامَ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْكَعْبَةِ لِأَنَّ وَجْهَهُ أَيْ بَابَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا الْمُقْتَضِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْخَلْفِ صَحِيحٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَا كَانَ أَوَّلًا وَأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ قَدْ حَدَثَ فَالتَّوَقُّفُ، وَالْإِشْكَالُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِحَالِهِ الْأَوَّلِ فَلَا وَقْفَةَ أَصْلًا كَمَا عَلِمْت تَأَمَّلْ قَالَ سم: وَلَا نَظَرَ لِتَفْوِيتِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ثَمَّ عَلَى الطَّائِفِينَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَوْلَى مِنْهُ عَلَى أَنَّ هَذَا الزَّمَنَ قَصِيرٌ وَيَنْدُرُ وُجُودُ طَائِفٍ حِينَئِذٍ فَكَانَ حَقُّ الْإِمَامِ مُقَدَّمًا اهـ.
(قَوْلُهُ: خَلْفَ الْمَقَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ) لَا حَاجَة لِقَوْلِهِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ خَلْفَ الْمَقَامِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَهَا فَلَوْ قَالَ: عِنْدَ الْكَعْبَةِ خَلْفَ الْمَقَامِ كَانَ أَوْلَى اهـ. ح ف وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: خَلْفَ الْمَقَامِ لِأَنَّ الْخَلْفَ يَصْدُقُ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَلِلصَّحَابَةِ) إنَّمَا عَلَّلَ ثَانِيًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ خُصُوصِيَّةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَدِيرُوا حَوْلَهَا) ، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ هُوَ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ الَّذِي وَرَاءَهُ لَا مَا قَرُبَ مِنْ الْكَعْبَةِ اهـ. ز ي بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْكَعْبَةِ، وَالصَّفِّ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَمَتَى قَرُبَ الْمُصَلِّي مِنْ الْكَعْبَةِ وَانْحَرَفَ عَنْهَا ضَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَعُدَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ طَوِيلٌ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لَوْ قَرُبَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَعْنِي حَجّ لَكِنْ جَزَمَا أَيْ الشَّيْخَانِ بِخِلَافِهِ قَالَهُ م ر وَعَلَى جَزْمِهِمَا فَلَا يَنْحَرِفُ وَلَوْ كَانَ لَوْ قَرُبَ مِنْهَا لَخَرَجَ عَنْ سَمْتِهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ أَيْضًا اهـ. ع ش وَاعْتَمَدَهُ ح ف وَقَالَ: إنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الِانْحِرَافَ مَشَقَّةٌ وَهُوَ بَعِيدٌ إذْ كَيْفَ يَكُونُ مُشَاهِدًا لِلْكَعْبَةِ وَلَا يَنْحَرِفُ إلَيْهَا لِيَتَوَجَّهَ إلَيْهَا؟ وَجَزَمَ الْبَرْمَاوِيُّ بِوُجُوبِ الِانْحِرَافِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَأْمُومُونَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ (قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى جَمِيعِهَا أَيْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا وَإِلَّا فَلَوْ وَقَفُوا صَفًّا خَلْفَ صَفٍّ فَقَدْ تَوَجَّهُوا إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُمْ أَقْرَبَ إلَيْهَا) قَالَ شَيْخُنَا كحج: وَالْأَوْجَهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْخِلَافِ أَيْ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ فَوَاتِهَا بِالْمُسَاوَاةِ لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ لِلْخِلَافِ فِي الْبُطْلَانِ كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ قُرْبِهِ وَقَوْلُهُ: إلَيْهَا مُتَعَلِّقٌ بِقُرْبِ الْمَحْذُوفِ وَقَوْلُهُ: فِي جِهَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَقْرَبِ فِي جِهَتِهِ) كَأَنْ يَكُونَ ظَهْرُ الْمَأْمُومِ لِوَجْهٍ الْإِمَامِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ) أَيْ جَانِبَيْ الرُّكْنِ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَانْظُرْ هَلْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ الرُّكْنَانِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْجِهَتَيْنِ زِيَادَةً عَلَى الرُّكْنِ الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا حَتَّى لَا يَضُرَّ تَقَدُّمُ الْمُسْتَقْبِلِينَ لِذَيْنِك الرُّكْنَيْنِ عَلَى الْإِمَامِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الضَّرَرُ فَتَكُونُ جِهَةُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةَ أَرْكَانٍ وَجِهَتَيْنِ مِنْ جِهَاتِ الْكَعْبَةِ اهـ. ع ش.
فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ أَيْ مَعَ الرُّكْنَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِهِمَا، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ أَمَّا لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فَجِهَتُهُ تِلْكَ الْجِهَةُ، وَالرُّكْنَانِ الْمُتَّصِلَانِ بِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا جِهَةً) هَذَا تَأْكِيدٌ لِلتَّشْبِيهِ إذْ يُسْتَفَادُ مِنْهُ هَذَا الْقَيْدُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّحَدَا جِهَةً) بِأَنْ كَانَ وَجْهُ الْإِمَامِ إلَى ظَهْرِ الْمَأْمُومِ وَقَوْلُهُ: إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ظَهْرُهُ لِوَجْهِ الْإِمَامِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: ضَرَّ ذَلِكَ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ فِي هَذِهِ مَا لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute