وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ حُكْمِيٌّ
(وَحَيْثُ دَامَ) النِّكَاحُ (لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ زَائِلٍ عِنْدَ إسْلَامٍ) بِشَرْطٍ زِدْته بِقَوْلِي. (وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ) تَخْفِيفًا بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَزُلْ الْمُفْسِدُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، أَوْ زَالَ عِنْدَهُ وَاعْتَقَدُوا فَسَادَهُ، وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً وَأَسْلَمُوا إذْ الْمُفْسِدُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِنِكَاحِ الْأَمَةِ لَمْ يَزُلْ عِنْدَ الْإِسْلَامِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ، كَمَا يُعْلَم مِمَّا يَأْتِي، فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ (فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَفِي عِدَّةٍ) لِلْغَيْرِ (تَنْقَضِي عِنْدَ إسْلَامٍ) لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْقَضِيَةِ فَلَا يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ فِيهَا لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالزَّمَانِ لَا بِالرُّتْبَةِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَقْلِيٌّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُنَا اهـ
(قَوْلُهُ وَإِسْلَامُ الطِّفْلِ حُكْمِيٌّ) أَيْ فَهُوَ أَسْرَعُ فَيَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى إسْلَامِهَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي إسْلَامِ أَبِيهَا مَعَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ الطَّارِئَ بَعْدَ الْعَقْدِ كَأَنْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا ثُمَّ رَجَعَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي رَضَاعٍ أَوْ جِمَاعٍ رَافِعَيْنِ لِلنِّكَاحِ س ل. (قَوْلُهُ لِمُفْسِدٍ) أَيْ عِنْدَنَا فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ ضَرَّ مُطْلَقًا، أَوْ عِنْدَهُمْ فَقَطْ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُفْسِدِ عِنْدَنَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا، أَيْ عُلَمَاءُ مِلَّتِنَا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيُقَرُّ عَلَى إلَخْ، فَيُفِيدُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَرَافَعُوا لِمَنْ لَا يَرَاهُ مُفْسِدًا اهـ عَبْدُ الْحَقِّ
(قَوْلُهُ زَائِلٍ عِنْدَ إسْلَامٍ) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ زَوَالُ الْمُفْسِدِ حِينَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ شُرُوطَ الصِّحَّةِ لَمَّا لَمْ تُعْتَبَرْ فِي حَالِ الْكُفْرِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ اعْتِبَارِهَا حَالَ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَقْدُ عَنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ فِي الْحَالَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ نُزِّلُوا حَالَ الْعَقْدِ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ لَا مَنْزِلَةَ الدَّوَامِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ) هَلَّا قَالَ: بِقَيْدٍ كَعَادَتِهِ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَيْدِ وَالشَّرْطِ؟ وَلَعَلَّهُ تَفَنَّنَ فِي التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ) وَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ ب ر (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخُرُوجَ فَرْعُ الدُّخُولِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهَا، لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ دَامَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ قَالَ: وَحَيْثُ دَامَ إلَخْ وَهَذِهِ انْقَطَعَ فِيهَا النِّكَاحُ بِالْإِسْلَامِ فَلَمْ تَدْخُلْ، فَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ: وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ إلَخْ وَحَذَفَ الْحَيْثِيَّةَ، صَحَّ قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ نَكَحَ حُرَّةً) أَيْ صَالِحَةً لِلتَّمَتُّعِ وَأَمَةً سَوَاءٌ نَكَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَمَّا مَعَ الْمَعِيَّةِ أَوْ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ، فَلَا إشْكَالَ فِي انْدِفَاعِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَارَنَ الْعَقْدَ وَالْإِسْلَامَ، وَأَمَّا عِنْدَ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَفْسَدُوا فِيهِ نِكَاحَ الْأَمَةِ نَاظِرِينَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ أَيْ الْإِسْلَامَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ دُونَ الدَّوَامِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعِدَّةِ الطَّارِئَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يُعْدَلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْأَبْدَالُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأُصُولِ فَلِهَذَا غَلَّبَ هُنَا شَائِبَةَ الِابْتِدَاءِ ز ي
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا غَلَّبُوا هُنَا شَائِبَةَ الِابْتِدَاءِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ دَائِمٌ فَأَشْبَهَ الْمَحْرَمِيَّةَ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ أَيْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ الطَّارِئَةِ وَالْإِحْرَامِ لِزَوَالِهِمَا عَنْ قُرْبٍ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ الطَّارِئَةِ كَمَا قَالَهُ سم. (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) فِي قَوْلِهِ وَنُقِرُّهُمْ فِيمَا تَرَافَعُوا فِيهِ إلَيْنَا عَلَى مَا نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ إلَخْ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِمَا يَأْتِي أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: أَوْ أَسْلَمَ عَلَى حُرَّةٍ وَإِمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ كَمَا مَرَّ تَعَيَّنَتْ أَيْ الْحُرَّةُ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ فَيَمْتَنِعُ اخْتِيَارُهَا. (قَوْلُهُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ) أَيْ حِينَ الْإِسْلَامِ وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ كَلَامُ الْأَصْلِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ مَا إذَا طَرَأَ لَهُ مَانِعٌ بَعْدَ الْعَقْدِ كَطُرُوِّ رَضَاعٍ مُحَرِّمٍ، وَوَطْءِ أُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهَا، وَلِإِخْرَاجِ مَا إذَا تَقَدَّمَ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَرِنْ فِي الْمَذْكُورَاتِ مَعَ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَمَةَ فِي الثَّالِثِ لَا تَحِلُّ عِنْدَ الْإِسْلَامِ اهـ
(قَوْلُهُ فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ إلَخْ) هُوَ وَاَللَّذَانِ بَعْدَهُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَقَوْلُهُ لَا عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ زَائِلٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ تَنْقَضِي) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مُنْقَضِيَةٌ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ عِنْدَ إسْلَامٍ) أَيْ قَبْلَهُ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ انْطَبَقَ آخِرُ الْعِدَّةِ عَلَى آخِرِ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ أُقِرَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِدَّةَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْعِدَّةُ لِلْإِسْلَامِ ح ل، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَهُ) لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا فَسَادَ لِأَنَّ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، لَمْ تُجْمِعْ أَئِمَّتُنَا عَلَى بُطْلَانِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ دَاوُد الظَّاهِرِيَّ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُفْسِدُ زَائِلٌ وَلَمْ يَعْتَقِدُوا فَسَادَهُ ح ل بِإِيضَاحٍ، أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ إلَخْ سَالِبَةٌ، تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَتَشْمَلُ مَا إذَا انْتَفَى الْمُفْسِدُ بِالْكُلِّيَّةِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مُقَارَنَتُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ إذْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute