وَتَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ (وَ) أَنْ (يَسْتَلِمَ) الرُّكْنَ (الْيَمَانِيَّ) وَيُقَبِّلَ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَا تَقْبِيلُ غَيْرِ الْحَجَرِ مِنْ الْأَرْكَانِ فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُكْرَهْ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ التَّقْبِيلَ حَسَنٌ (وَ) أَنْ (يَقُولَ) عِنْدَ اسْتِلَامِهِ (أَوَّلَ طَوَافِهِ بِاسْمِ اللَّهِ
ــ
[حاشية الجمل]
ثُمَّ يُقَبِّلَ كَذَلِكَ ثُمَّ يَسْجُدَ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ وَالسُّجُودِ وَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ وَبِمَا فِيهَا وَتَقْبِيلِ الْمُشَارِ بِهِ، وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ حَيْثُ ذَكَرَ هَذَا قَبْلَ مَا يَأْتِي مِنْ الْأَدْعِيَةِ وَمِنْ اسْتِلَامِ الْيَمَانِيِّ وَتَقْبِيلِ مَا اسْتَلَمَ بِهِ وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَتَقْبِيلِ مَا أَشَارَ بِهِ لَهُ لَا يُسَنُّ فِيهِ تَثْلِيثٌ.
وَعِبَارَةُ حَجّ تَقْتَضِي سَنَّ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَنَصُّهَا وَيُرَاعَى ذَلِكَ الْمَذْكُورُ كُلُّهُ مَعَ تَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا، وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْيَمَانِيِّ، وَكَذَا الدُّعَاءُ الْآتِي اهـ. فَعَلَى مُقْتَضَاهَا كَانَ عَلَى الشَّارِحِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ مَا ذُكِرَ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُرَاعِي ذَلِكَ كُلَّ طَوْفَةٍ لِيَعُودَ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَتَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ) أَيْ لِلْحَجَرِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ مَا طُلِبَ تَقْبِيلُهُ مِنْ يَدِ عَالِمٍ وَوَلِيٍّ وَوَالِدٍ وَأَضْرِحَةٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ أَيْضًا (تَنْبِيهٌ)
قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُسَنُّ تَقْبِيلُ يَدِ الصَّالِحِ، بَلْ وَرِجْلِهِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَظِيرِهِ هُنَا حَتَّى يَسْتَلِمَ الْيَدَ أَوْ الرِّجْلَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَقْبِيلِهَا ثُمَّ يُقَبِّلَ مَا اسْتَلَمَ بِهِ وَحَتَّى يُشِيرَ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِلَامِهَا أَيْضًا ثُمَّ يُقَبِّلَ مَا أَشَارَ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ يَغْلِبُ فِيهَا الِاتِّبَاعُ فِي طَلَبِ مَا وَرَدَ فِعْلُهُ عَنْ الشَّارِعِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَلَا كَذَلِكَ يَدُ الصَّالِحِ فَإِنَّ تَقْبِيلَهَا شُرِعَ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَبَرُّكًا بِهَا فَلَا يَتَعَدَّاهَا إلَى غَيْرِهَا اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ يُؤْخَذُ مِنْ هُنَا أَيْ مِنْ سَنِّ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ سَنُّ تَقْبِيلِ الْمُصْحَفِ وَالْمِنْبَرِ الشَّرِيفِ وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ قُبُورُ بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَأَجْزَاءُ الْحَدِيثِ أَفْتَى بِذَلِكَ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ اهـ. تَوْشِيحٌ عَلَى الْجَامِعِ الصَّحِيحِ هَكَذَا وَجَدْته بِهَامِشِ حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ.
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ) عِبَارَةُ حَجّ وَيُكْرَهُ إظْهَارُ صَوْتٍ لِقُبْلَتِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: الْيَمَانِيِّ) نِسْبَةً إلَى الْيَمَنِ وَتَخْفِيفُ يَائِهِ لِكَوْنِ الْأَلِفِ بَدَلًا مِنْ إحْدَى يَاءَيْ النَّسَبِ أَكْثَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَى زِيَادَةِ الْأَلِفِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَيْهِ) أَيْ بِيَدِهِ فَبِنَحْوِ عُودٍ ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَسْتَلِمَ الْيَمَانِيَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَالْيُسْرَى فَمَا فِي الْيُمْنَى فَمَا فِي الْيُسْرَى ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَ بِهِ فَإِنْ عَجَزَ أَشَارَ إلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ بِتَرْتِيبِهِ ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَقْبِيلُ غَيْرِ الْحَجَرِ مِنْ الْأَرْكَانِ) وَخُصَّ رُكْنُ الْحَجَرِ بِالتَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَضِيلَتَيْ كَوْنِ الْحَجَرِ فِيهِ وَكَوْنِهِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْيَمَانِيُّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الثَّانِيَةُ أَيْ بِاعْتِبَارِ رَأْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عِنْدَهُ شَاذَرْوَانَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْفَضِيلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ أُسَّهُمَا لَيْسَ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلَمْ يُسَنَّ تَقْبِيلُهُمَا وَلَا اسْتِلَامُهُمَا اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ:، بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَأَيُّ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ، غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ وَالْمُرَادُ بِالْحُسْنِ فِيهِ الْمُبَاحُ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ. اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ اسْتِلَامِهِ) أَيْ يَبْتَدِئُ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ عِنْدَ اسْتِلَامِهِ أَيْ مُقَارِنًا لَهُ بِحَالِهِ ثُمَّ يَخْتِمُهُ وَهُوَ مَاشٍ بِحَيْثُ يَكُونُ آخِرُهُ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْبَابِ فَحِينَئِذٍ يَشْرَعُ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي وَيَمْشِي بِحَيْثُ يَكُونُ آخِرُهُ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْمَقَامِ اهـ. حَجّ بِتَصَرُّفٍ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَابِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك وَاسْقِنِي بِكَأْسِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَيُقْصَدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْقَصْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمَلِ وَمَحَلُّ الدُّعَاءِ بِهَذَا إذَا كَانَ الطَّوَافُ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْخَيْرِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْثُورُ أَفْضَلَ وَمِنْ الْمَأْثُورِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتنِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» ، وَمَا رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَالذُّلِّ وَمَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا