وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ) أَطُوفُ (إيمَانًا بِك إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ (وَ) أَنْ يَقُولَ (قُبَالَةَ الْبَابِ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً الْآيَةَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالرَّوْضَةِ اللَّهُمَّ بَدَلَ رَبَّنَا (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ وَمَأْثُورُهُ) أَيْ الدُّعَاءِ فِيهِ أَيْ مَنْقُولِهِ (أَفْضَلُ فَقِرَاءَةٌ) فِيهِ (فَغَيْرُ مَأْثُورِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اهـ.
١ -
(قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ هُوَ بِصُورَةِ مَعْبُودٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ نَاسَبَ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك إلَخْ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: إيمَانًا بِك) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَطُوفُ بِتَأْوِيلِهِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ أَطُوفُ حَالَ كَوْنِي مُؤْمِنًا بِك. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ) لَمْ يَقُلْ لِلِاتِّبَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهَذَا الذِّكْرِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ نَصُّهَا وَرُوِيَ ذَلِكَ حَدِيثًا وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَكِنْ جَاءَ فِي خَبَرٍ مُنْقَطِعٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقُولُ إذَا اسْتَلَمْنَا؟ قَالَ قُولُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ إيمَانًا بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ قَالَ هَكَذَا أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَفِي الرَّوْنَقِ يُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ كَالصَّلَاةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ وَافَقَهُ بَحْثُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ افْتِتَاحُ الطَّوَافِ بِالتَّكْبِيرِ كَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا بَلْ شَاذٌّ، وَإِنْ تَبِعَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: قُبَالَةَ الْبَابِ) أَيْ تِلْقَاءَ الْبَابِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ تِلْقَاءِ الْبَابِ وَيُكْمِلُهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَقِفُ حَتَّى يُكْمِلَ الدُّعَاءَ قُبَالَةَ الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ فِي الْمَطَافِ يَضُرُّ بِالنَّاسِ اهـ. شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ حَجّ وَقُبَالَةَ بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ الْجِهَةُ الَّتِي تُقَابِلُهُ وَارْتِفَاعُ الْبَابِ فَوْقَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَعَرْضُ عَتَبَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْبَيْتُ) أَيْ الْكَامِلُ الْوَاصِلُ لِغَايَةِ الْكَمَالِ اللَّائِقُ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْبُيُوتِ هُوَ بَيْتُك هَذَا لَا غَيْرُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا اللَّهُمَّ الْبَيْتُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بِزِيَادَةِ إنَّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ) أَيْ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ، بَلْ يَعْنِي بِهِ الطَّائِفَ نَفْسَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَنْسَبُ وَأَلِيقُ إذْ مَنْ اسْتَحْضَرَ أَنَّ الْخَلِيلَ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ أَيْ بِنَحْوِ {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: ٨٧] أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْخَوْفِ وَالْخُشُوعِ وَالتَّضَرُّعِ مَا لَا يُوجِبُ لَهُ الثَّانِي بَعْضَ مِعْشَارِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ الْأَوَّلَ لَكَانَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بِخُصُوصِهِ عَرِيًّا عَنْ الْحِكْمَةِ اهـ. حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُشِيرُ) أَيْ بِكَلِمَةِ هَذَا بِقَلْبِهِ لَا بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَيْ الْحَجَرِ الَّذِي نُزِّلَ مِنْ الْجَنَّةِ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ حِينَ نَادِي بِالْحَجِّ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَضَعَ الْحَجَرَ ثُمَّ يَهْبِطُ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مَا يَبْنِي بِهِ وَهَكَذَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) هِيَ كُلُّ خَيْرٍ يُقْصَدُ تَحْصِيلُهُ فِيهَا وَمَا أَعَانَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً هِيَ كُلُّ مَا فِيهَا مِنْ الرَّاحَةِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَالشُّهُودِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا دَلِيلٌ لِلدُّعَاءَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ الدُّعَاءِ الَّذِي قُبَالَةَ الْبَابِ وَاَلَّذِي بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ فِي الَّذِي قُبَالَةَ الْبَابِ قِيلَ لَا يُعْرَفُ هَذَا خَبَرًا وَلَا أَثَرًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ سَنَدُهُ صَحِيحٌ، لَكِنْ بِلَفْظِ رَبَّنَا وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي رِوَايَةٍ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَهِيَ أَفْضَلُ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قِيلَ وَلَفْظُ اللَّهُمَّ وَحْدَهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَتْنِ أَيْ وَالرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِبَارَتَهَا كَعِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ لَمْ يُرِدْ انْتَهَتْ فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ التَّعْرِيضُ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا شَاءَ) أَيْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ دُعَاءٍ جَائِزٍ، وَالْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأُخْرَوِيِّ اهـ. حَجّ وَقَدْ جَاءَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ هُنَاكَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فِي الْمَطَافِ وَعِنْدَ الْمُلْتَزَمِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِي الْمَسْعَى وَخَلْفَ الْمَقَامِ وَفِي عَرَفَاتٍ وَفِي الْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي مِنًى وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ اهـ. إيضَاحٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَأْثُورُهُ) أَيْ الدُّعَاءِ فِيهِ أَيْ الشَّامِلِ لِلذِّكْرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْآخَرَ، وَقَوْلُهُ أَيْ مَنْقُولِهِ أَيْ عَنْ النَّبِيِّ أَوْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ اهـ. حَجّ وَمِنْهُ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَيْ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهَا، وَلَوْ بِنَحْوِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهَا لَمْ تُحْفَظْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُفِظَ عَنْهُ غَيْرُهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّهَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، بَلْ مَنَعَهَا فِيهِ بَعْضُهُمْ فَمِنْ ثَمَّ اكْتَفَى فِي تَفْضِيلِ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمَحَلِّ بِخُصُوصِهِ بِأَدْنَى مُرَجِّحٍ كَوُرُودِهِ عَنْ صَحَابِيٍّ، وَلَوْ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَقَوْلُهُ