وَإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَحَدٍّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَيَجِبُ) فِي اعْتِكَافِ مَنْذُورٍ مُتَتَابِعٍ (قَضَاءُ زَمَنِ خُرُوجٍ) مِنْ الْمَسْجِدِ (لِعُذْرٍ) لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَزَمَنِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَنَابَةٍ غَيْرِ مُفْطِرَةٍ بِشَرْطِهَا السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهِ (إلَّا زَمَنَ نَحْوِ تَبَرُّزٍ) مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَنَ الْمَصْرُوفَ إلَى مَا شُرِطَ مِنْ عَارِضٍ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ " وَنَحْوِ " مِنْ زِيَادَتِي.
(كِتَابُ الْحَجِّ)
ــ
[حاشية الجمل]
بِاخْتِيَارِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَفَوْتُهُ لِصَوْمِ كَفَّارَةٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ النَّذْرِ لَا يُلْزِمُهُ الْقَضَاءَ انْتَهَتْ وَمِثْلُهَا عِبَارَةُ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَإِكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ اهـ. شَرْحُ م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَكَالْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ فَإِنْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَالزَّوْجَةِ، وَالْعَبْدِ يَعْتَكِفَانِ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ لِحَقٍّ لَزِمَهُ أَوْ خَرَجَ خَوْفَ غَرِيمٍ لَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ مُمَاطِلٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَلَهُ بَيِّنَةٌ أَيْ وَثَمَّ حَاكِمٌ يَقْبَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ لِتَقْصِيرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَحَدٍّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ فَإِنْ أَتَى بِهِ حَالَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، وَلَا يَقْطَعُهُ خُرُوجُ امْرَأَةٍ لِأَجْلِ قَضَاءِ عِدَّةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْعِدَّةِ بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِهَا كَأَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لَهَا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ لِاخْتِيَارِهَا الْخُرُوجَ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي الِاعْتِكَافِ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِيهِ فَقُطِعَ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرَهَا لَهَا زَوْجُهَا إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَكَذَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِ اعْتِكَافِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: أَوْ لِنَحْوِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَاعْتَمَدَ مُقْتَضَاهَا الْعَلَامَةُ م ر وَمِمَّا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ الْخُرُوجُ لِمُبَاشَرَةِ وَظِيفَةٍ أَوْ صَلَاةِ جُمُعَةٍ وَإِنْ وَجَبَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ كَرَاهَةِ إفْرَادِ نَحْوِ جُمُعَةٍ بِهِ وَاخْتِصَاصِ لَيْلَتِهَا بِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِهَا السَّابِقِ) وَهُوَ الْمُبَادَرَةُ بِالطُّهْرِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَغُسْلِ جَنَابَةٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَجَنَابَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا إذْ ذَاكَ فِي زَمَنِ الْجَنَابَةِ قَبْلَ اشْتِغَالِهِ بِالْغُسْلِ وَهَذَا فِي زَمَنِ الِاشْتِغَالِ بِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ) أَيْ حُكْمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضُرُّ فِيهِ مَا يَضُرُّ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْ يُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ وَإِلَّا فَهُوَ لَا ثَوَابَ لَهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَنَ الْمَصْرُوفَ. إلَخْ) مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا يُضَمُّ إلَى الْمُسْتَثْنَى فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ.
[كِتَابُ الْحَجِّ]
(كِتَابُ الْحَجِّ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَكَذَا الْحِجَّةُ لَكِنَّ الْمَسْمُوعَ فِيهَا الْكَسْرُ، وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ وَهُمَا مَصْدَرَانِ وَقِيلَ: الْأَوَّلُ مَصْدَرٌ وَالثَّانِي اسْمٌ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ الِاسْمُ مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي كَوْنِهِ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَصْدَرٍ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَحِكْمَةُ تَرَكُّبِهِ مِنْ الْحَاءِ وَالْجِيمِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحَاءَ مِنْ الْحِلْمِ، وَالْجِيمَ مِنْ الْجُرْمِ فَكَأَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ يَا رَبِّ جِئْتُك بِجُرْمِي أَيْ ذَنْبِي لِتَغْفِرَهُ بِحِلْمِك وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ إلَّا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَلْ وَرَدَ أَنَّ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَحَجَّ الْبَيْتَ» حَتَّى عِيسَى فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كُنْت أَطُوفُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ رَأَيْته صَافَحَ شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ فَقُلْت لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك صَافَحْت شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ فَقَالَ ذَاكَ أَخِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ انْتَظَرْته حَتَّى فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ» وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ هُودًا وَصَالِحًا لِاشْتِغَالِهِمَا بِأَمْرِ قَوْمِهِمَا وَرُدَّ بِمَا جَاءَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ أَنَّ «جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالرُّسُلِ حَجُّوا الْبَيْتَ» .
وَرَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ قَبْرَ نُوحٍ وَهُودٍ وَشُعَيْبٍ وَصَالِحٍ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ، وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ قُبِرَ فِيهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ إسْمَاعِيلُ لَكِنْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَاكَ كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بَيْنَ الرُّكْنِ، وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ مَقْبَرَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ مَقْبَرَةَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَتَعَبَّدُونَ فَإِنْ قُلْت الْكَرَاهَةُ أَوْ الْحُرْمَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ ثَمَّ يَسْتَعْمِلُ قَبْرَ نَبِيٍّ قُلْت شَرْطُ الْحُرْمَةِ أَوْ الْكَرَاهَةِ تَحَقُّقُ ذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute