وَتَوَافَقَا عَلَى جَعْلِهَا مِمَّا مَضَى فَفِي الْفَسْخِ احْتِمَالَانِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَفِي الْمَطْلَبِ الرَّاجِحُ مَنْعُهُ.
(فَإِنْ أَعْسَرَ) بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ نَفَقَةَ الرَّابِعِ (بِنَفَقَةِ الْخَامِسِ بَنَتْ) عَلَى الْمُدَّةِ وَلَمْ تَسْتَأْنِفْهَا وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (كَمَا لَوْ أَيْسَرَ فِي الثَّالِثِ) ثُمَّ أَعْسَرَ فِي الرَّابِعِ فَإِنَّهَا تَبْنِي وَلَا تَسْتَأْنِفُ (وَلَوْ رَضِيَتْ) قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ (بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيتُ بِهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ (لَا) إنْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ (بِالْمَهْرِ) فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ.
(فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ (لَزِمَ مُوسِرًا وَلَوْ بِكَسْبٍ يَلِيقُ بِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
الْفَسْخِ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ فَاسْتَلْزَمَ النُّفُوذَ بَاطِنًا، وَقَدْ جَمَعَ بِذَلِكَ جَمْعٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَتَوَافَقَا عَلَى جَعْلِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَةَ يَوْمٍ قَدَرَ فِيهِ عَلَى نَفَقَتِهِ عَنْ يَوْمٍ قَبْلَهُ عَجَزَ فِيهِ عَنْ نَفَقَتِهِ لِتَفْسَخَ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدِّي، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّعْلِيقِ وَثَانِيهِمَا لَا وَتُجْعَلُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَبَادَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ فَسْخِهَا بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ مَحَلُّهُ فِي الْمَاضِيَةِ قَبْلَ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ لَا فِي أَيَّامِهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بَنَتْ عَلَى الْمُدَّةِ) مَعْنَى الْبِنَاءِ أَنَّهَا تَفْسَخُ فِي الْحَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ مُدَّةً جَدِيدَةً، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْنِي، مَعْنَى الْبِنَاءِ هُنَا أَنَّهَا تُكْمِلُ عَلَى الْيَوْمَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْنِي) أَيْ عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَلَا تَسْتَأْنِفُ فَتَصْبِرُ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ تَفْسَخُ فِيمَا يَلِيهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ إلَخْ) أَيْ فَخِيَارُ الْفَسْخِ بِغَيْرِ الْمَهْرِ عَلَى التَّرَاخِي، وَخِيَارُ الْفَسْخِ بِالْمَهْرِ فَوْرِيٌّ لَكِنْ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَخْ أَيْ أَمَّا الرَّفْعُ نَفْسُهُ فَلَيْسَ فَوْرِيًّا فَلَوْ أَخَّرَتْ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَتْهُ مُكِّنَتْ؛ لِأَنَّهَا تُؤَخِّرُ الْمُطَالَبَةَ لِتَوَقُّعِ يَسَارِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بَعْدَ الرَّفْعِ سَاغَ لَهَا الْفَسْخُ فَتَأَخُّرُهَا رِضًا بِالْإِعْسَارِ، وَقَبْلَ الرَّفْعِ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفَسْخَ لِعَدَمِ الرَّفْعِ الْمُقْتَضِي لِإِذْنِ الْقَاضِي لِاسْتِحْقَاقِهَا لِلْفَسْخِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) وَالْكَلَامُ فِي الرَّشِيدَةِ فَلَا أَثَرَ لِرِضَا غَيْرِهَا بِهِ لَا يُقَالُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ يَسَارُ الزَّوْجِ بِحَالِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِيمَنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ خَاصَّةً أَمَّا مَنْ زُوِّجَتْ بِإِذْنِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا وَلَوْ سَفِيهَةً عَلَى أَنَّهَا قَدْ تُزَوَّجُ بِالْإِجْبَارِ لِمُوسِرٍ وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ يَتْلَفُ مَا بِيَدِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ) لَكِنْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ بِنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَيُمْهَلُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ، أَيْ رِضَاهَا بِمَا مَضَى الْمُسْتَفَادَ مِنْ قَوْلِهَا رَضِيت أَبَدًا، يُبْطِلُ مَا مَضَى مِنْ الْإِمْهَالِ، وَلَوْ أَعْسَرَ سَيِّدُ مُسْتَوْلَدَةٍ عَنْ نَفَقَتِهَا أُجْبِرَ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا اهـ ح ل.
[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ]
(فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ) أَيْ فِي لُزُومِهَا، وَقَدْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ
ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ مُوسِرًا إلَخْ) نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ لَزِمَ أَصْلًا وَفَرْعًا مُوسِرًا كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ لَزِمَ الْأَصْلَ الْمُوسِرَ كِفَايَةُ فَرْعِهِ، وَلَزِمَ الْفَرْعَ الْمُوسِرَ كِفَايَةُ أَصْلِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكِفَايَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ رَقِيقَ الْكُلِّ كَمَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ وَجَبَ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ وَلَوْ حُرًّا عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ بَلْ نَفَقَةُ الْحُرِّ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَا تَجِبُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا عَلَى قَرِيبِهِ وَلَوْ حُرًّا بَلْ نَفَقَةُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَنَفَقَةُ الْمُكَاتَبِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ فَعَلَى سَيِّدِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَسْبٍ يَلِيقُ بِهِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَصْلِ اكْتِسَابُ نَفَقَةِ فَرْعِهِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ وَقَالَ م ر يَجِبُ عَلَى الْأَصْلِ الْقَادِرِ اكْتِسَابُ نَفَقَةِ فَرْعِهِ الْعَاجِزِ لِزَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا لَا مُطْلَقًا اهـ سم وَمِثْلُهُ فِي الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكَسْبٍ يَلِيقُ بِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا أَيْ الْمُؤَنِ وَلَوْ لِحَلِيلَةِ الْأَصْلِ كَالْأُدْمِ وَالسُّكْنَى وَالْإِخْدَامِ حَيْثُ وَجَبَتْ إنْ حَلَّ وَلَاقَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ لِوَفَاءِ دَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَهَذِهِ فَوْرِيَّةٌ وَلِقِلَّةِ هَذِهِ وَانْضِبَاطِهَا بِخِلَافِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَارَتْ دَيْنًا بِفَرْضِ قَاضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاكْتِسَابُ لَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ زَكَاةٍ وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ فَإِنْ فَعَلَ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَمَّا مَرَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ فِي حَلِيلَةِ الْأَصْلِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا، وَإِنْ قَدَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ
وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ خِلَافَهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَلِقِلَّةِ هَذِهِ أَيْ الْمُؤْنَةِ وَانْضِبَاطِهَا؛ إذْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِخِلَافِهِ أَيْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدْيُونِ فَقَدْ يَكُونُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ مَا يَقْتَضِي تَجَدُّدَ الدُّيُونِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَعُرُوضِ إتْلَافٍ مِنْهُ لِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ زَكَاةٍ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دُفِعَتْ لَهُ الزَّكَاةُ بِلَا سُؤَالٍ وَجَبَ قَبُولُهَا وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ الْهِبَةِ بِوُجُودِ الْمِنَّةِ لِلْوَاهِبِ بِخِلَافِ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute