إذَا خَلَا الْمَطَافُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِنْ خَصَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِاللَّيْلِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ الْأَخِيرِ (اسْتَلَمَ) بِلَا تَقْبِيلٍ فِي الْأُولَى وَبِهِ فِي الثَّانِيَةِ (بِيَدِهِ) الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ اسْتَلَمَهُ (بِنَحْوِ عُودٍ) كَخَشَبَةٍ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتَلَمَ (ثُمَّ قَبَّلَ) مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ وَبِغَيْرِهَا (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِيَدِهِ) الْيُمْنَى (فَبِمَا فِيهَا) مِنْ زِيَادَتِي ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى بَعِيرٍ فَكُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ» وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَمَا بَعْدَهُ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَمَوَاثِيقَهُمْ وَكَتَبَ ذَلِكَ فِي رَقٍّ وَقَالَ لِلْحَجَرِ افْتَحْ فَاكَ فَفَتَحَهُ فَأَلْقَمَهُ ذَلِكَ الرَّقَّ، وَقَالَ لَهُ اشْهَدْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ وَافَاك بِالْوَفَاءِ وَأَنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلْقٌ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْوَفَاءِ وَعَلَى الْكَافِرِينَ بِالْجُحُودِ وَأَنَّهُ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ أَوْ قَبَّلَهُ بِحَقٍّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ نِعْمَ مَا قُلْت وَخَابَ مَنْ لَمْ تَكُنْ جَلِيسَهُ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَقِيلَ إنَّ اسْتِخْرَاجَ الذُّرِّيَّةِ كَانَ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَعَلَيْهِ اُخْتُلِفَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُخِذَ فِيهِ الْمِيثَاقُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ بِعَطْفِ نَعْمَانَ وَادٍ بِجَنْبِ عَرَفَةَ، وَقِيلَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ حِينَ أُهْبِطَ آدَم فِيهَا وَقِيلَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَقِيلَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ اسْتَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّتَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الذُّرِّيَّةِ خَرَجَتْ مِنْ نَفْسِ صُلْبِ آدَمَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: ١٧٢] وَفِي تَفْسِيرِ الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُمْ مِنْ صُلْبِ بَعْضٍ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ كَنَحْوِ مَا يَتَوَالَدُونَ كَالذَّرِّ وَنَصَبَ لَهُمْ دَلَائِلَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَرَكَّبَ فِيهِمْ عُقُولًا عَرَفُوهُ بِهَا كَمَا جَعَلَ لِلْجِبَالِ عُقُولًا حَتَّى خُوطِبُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: ١٠] ، وَكَمَا جَعَلَ لِلْبَعِيرِ عَقْلًا حَتَّى سَجَدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ جَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إنْسَانٍ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ وَعَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ قَالَ أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ ذُرِّيَّتُك فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ يَا رَبِّ مَنْ هَذَا قَالَ دَاوُد قَالَ كَمْ جَعَلْت عُمُرَهُ قَالَ سِتِّينَ سَنَةً قَالَ يَا رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا انْقَضَى عُمُرُ آدَمَ إلَّا أَرْبَعِينَ سَنَةً جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ آدَم أَوَ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَوَ لَمْ تُعْطِهَا ابْنَك دَاوُد فَجَحَدَ آدَم فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَنَسِيَ آدَم فَأَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ» ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا خَلَا الْمَطَافُ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي خُلُوُّهُ مِنْ جِهَةِ الْحَجَرِ فَقَطْ بِأَنْ تَأْمَنَ مَجِيءَ وَنَظَرَ رَجُلٍ غَيْرِ مُحْرِمٍ حَالَةَ فِعْلِهَا ذَلِكَ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ اسْتَلَمَ بِيَدِهِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ تَقْيِيدًا لَهُ إلَّا بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِلَا تَقْبِيلٍ كَأَنَّهُ قَالَ السُّنَّةُ فِعْلُ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ مَجْمُوعِهَا فَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْهُ اهـ. شَيْخُنَا، وَقَوْلُهُ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَلَمَ بِيَدِهِ. اهـ. شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْعَجْزِ هُنَا بِمَا يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ مِنْ أَصْلِهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامٌ وَلَا مَا بَعْدَهُ فِي مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتِ الطَّوَافِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُؤْذِي أَوْ يَتَأَذَّى، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ يَا عُمَرُ إنَّك رَجُلٌ قَوِيٌّ لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ إنْ وَجَدْت خَلْوَةً وَإِلَّا فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ» وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الِاسْتِلَامُ خُصُوصُ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَذْكَارٍ اسْتَحَبُّوهَا مَعَ عَدَمِ وُرُودِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى) عِبَارَةُ حَجّ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَالْيُسْرَى فَمَا فِي الْيُمْنَى فَمَا فِي الْيُسْرَى لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا فِيهَا) قَدْ يُقَالُ الْإِشَارَةُ بِمَا فِي الْيَدِ تَسْتَتْبِعُ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ بِمَا فِيهَا قُلْت قَدْ يُتَصَوَّرُ الِانْفِكَاكُ بَيْنَهُمَا بِمَا لَوْ كَانَ بِالْيَدِ آفَةٌ تَمْنَعُ رَفْعَهَا نَحْوَ الْحَجَرِ وَلَا تَمْنَعُ تَحْرِيكَ مَا فِيهَا وَرَفْعَهُ نَحْوَ الْحَجَرِ. اهـ. سم اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ) عِبَارَةُ حَجّ وَخَرَجَ بِيَدِهِ فَمُهُ فَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِهِ لِلتَّقْبِيلِ لِقُبْحِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْإِشَارَةِ بِالرَّأْسِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْ الْإِشَارَةِ بِيَدِهِ وَمَا فِيهَا فَيُسَنُّ بِهِ ثُمَّ الطَّرَفُ كَالْإِيمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهَا بِالرِّجْلِ، بَلْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِحُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ لِلْمُصْحَفِ، فَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَعْبَةَ مِثْلُهُ لَكِنْ الْفَرْقُ أَوْجَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ) أَيْ وَلَا بِالْجَبْهَةِ إلَى السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَأَتَّى الْإِشَارَةُ بِهَا بِدُونِ الرَّأْسِ، وَقَدْ قَالَ حَجّ إنَّ الْإِشَارَةَ بِالرَّأْسِ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ مَا ذَكَرَ) بِأَنْ يَسْتَلِمَهُ ثُمَّ يُقَبِّلَهُ ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا ثَانِيًا وَثَالِثًا أَوْ يَسْتَلِمُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُقَبِّلُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ، لَكِنْ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَيُسَنُّ تَكْرِيرُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْتَلِمَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً