أما الحج ففيه من الفوائد العظيمة من الصلة بالله والتقرب إليه ومفارقة الأوطان والأهل والعشيرة لأداء هذه الفريضة العظيمة وزيارة البيت العتيق ما لا تحيط به العبارة، فإنه في هذه العبادة يركن الأخطار ويقطع الفيافي والقفار ويشق الأجواء يرجو رحمة ربه ويخاف عقابه سبحانه وتعالى فما أحراه بالثواب الجزيل والأجر العظيم من المولى الكريم عز وجل، أما ما شرع الله سبحانه في هذه العبادة من: الإحرام والتلبية، واجتناب كثير من العوائد، وكشف الرجل رأسه، وخلع الثياب المعتادة، والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات ورمي الجمار والتقرب إلى الله سبحانه بذبح الهدايا، إلى غير ذلك مما شرع الله في الحج فمما شهدت العقول الصحيحة والفطر المستقيمة بحسنه وأنه لا حكمة فوق حكمة من شرعه وأمر به عباده.
يضاف إلى ذلك ما في الحج من اتصال المسلمين بعضهم ببعض، وتشاورهم في كثير من أمورهم وتعاونهم في مصالحهم العاجلة والآجلة واستفادة بعضهم من بعض، إلى غير ذلك من الفوائد، فكل ذلك شاهد للذي شرعه بأنه سبحانه أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وكل ذلك من جملة منافع الحج التي أشار إليها سبحانه بقوله:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}(١) فالحج مؤتمر إسلامي عظيم وفرصة للمسلمين ينبغي أن يستغلوها في شتى مصالحهم وأن يستفيدوا منها لأمر دنياهم وأخراهم، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك وأن يجمع كلمتهم على الهدى إنه خير مسؤول