للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكرم مجيب.

وقد سبق لنا أن ذكرنا أن الله جل وعلا أمر الرسل بإقامة الدين، فالرسل بعثوا لإقامة الدين ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو أكملهم في ذلك وهو إمامهم وسيدهم وخاتمهم بعث لإقامة الدين أيضا فهذه العبادات وهذه التوجيهات من الله عز وجل كلها لإقامة الدين، وأن يكون عندك وازع إيماني يحملك على أداء الواجبات ومعاملة إخوانك بأحسن المعاملات، وعلى إنصافهم وأداء حقوقهم، وعلى أداء الأمانة في كل شيء والرجوع إلى الله في كل شيء حتى تكون عبدا ممتثلا سائرا على الوجه الذي شرعه الله لا تتبع هواك ولا تقف عند حظك.

ومما يتعلق بما تقدم قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب (١) » فأخبر عليه الصلاة والسلام أن صلاح العبد بصلاح قلبه فمتى صلح قلبه استقام العبد مع الله عز وجل ومع العباد، ومتى خبث القلب وفسد خبث العبد وفسدت حاله، وهذا يبين لنا ما تقدم من أن هذه الشريعة عنيت عناية عظيمة بأسباب إصلاح القلوب.

وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (٢) » فبين عليه الصلاة والسلام أن موضع النظر من ربنا عز وجل: القلب والعمل، أما مالك وبدنك فلا قيمة لهما وليسا محل النظر إلا إذا استعملت مالك وبدنك في طاعة ربك، وإنما محل النظر قلبك وعملك، فإذا استقام قلبك على محبة الله وخشيته ومراقبته والإخلاص له استقامت أعمالك واستقام أمرك، وإن كانت الأخرى فسدت حالك وفسد عملك ولا حول ولا قوة إلا بالله.


(١) صحيح البخاري الإيمان (٥٢) ، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩) ، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٢٧٠) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١) .
(٢) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>