على أن بعض الأمور قد تشترك في كونها مشروعة أو منهيا عنها وينفرد بعضها عن بقية ما قرن به بكونه واجبا أو محرما، ومن ذلك الأمور المذكورة في هذا الحديث، فإن الأحاديث الصحيحة قد دلت على وجوب إعفاء اللحى وقص الشوارب والاستنشاق في الغسل والوضوء وانتقاص الماء، وهو الاستنجاء، كما دلت على أن السواك مستحب فقط وليس بواجب. وأما حلق العانة ونتف الإبط وقلم الأظفار ففي واجبها خلاف بين أهل العلم، والمشهور في كلامهم أنها سنة، وظاهر الأدلة يقتضي وجوبها لإطلاق الأحاديث الآمرة بذلك؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت للمسلمين أن لا يتركوها مع قص الشارب أكثر من أربعين ليلة؛ كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: «وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا تترك أكثر من أربعين ليلة (١) » وإذا قال الصحابي مثل هذه الصيغة فهي في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله: أمرنا أو نهينا؛ لأنه لا آمر ولا ناهي ولا مؤقت إلا هو
(١) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم ٣٧٩