الثاني: أن يقولوا: دليلنا على نفي الجسم أقوى من دليلك، كما بين ذلك الغزالي وغيره، وبينوا أن الفلاسفة عاجزون على إقامة الدليل على أنه ليس بجسم.
الثالث: أن يقولوا: أدلة إثبات الصفات أقوى من أدلة نفي الجسم، فإن أمكن الجمع بينهما، وإلا لم يجز نفي ما هو معلوم ثابت، خوفاً من لزوم ما ليس دليل انتفائه كدليل ثبوت ذلك، فكيف إذا كانت أدلة النفي باطلة، وأدلة الإثبات للصفات ولوازمها حق لا محيد عنه؟.
وأما التقسيم الذي ذكرته، فلا ريب أن أهل الإثبات لا يقولون: إن الصفات قائمة بنفسها، بل هي قائمة بالموصوف.
وأما ما ذكره عن النصارى، فليس هذا موضع بسطه، فإن قول النصارى مضطرب متناقض، فإنهم لا يثبتون ثلاثة جواهر قائمة بأنفسها، ولا يجعلون الأقانيم كالصفة من كل وجه، فإنهم يقولون: المتحد بالمسيح هو أقنوم الكلمة، فإن جعلوا الكلمة هي الذات الموصوفة، لزم أن يكون المسيح هو الأب، وهم ينكرون ذلك.
وإن جعلوه صفة الذات لزمهم أن لا يكون المسيح إلهاً خالقاً رازقاً، لأن الصفة ليست إلهاً خالقاً رازقاً.
وأيضاً فالصفة لا تفارق الموصوف.
وهم يقولون: المسيح إله حق، من إله حق، من جوهر أبيه.