والسنة، واتفق عليه سلف الأمة، بل ما علم بفطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها، ودلت عليه العقليات الصريحة، قابلهم من قال: إن المعرفة لا تحصل إلا بالشرع.
وهؤلاء في الغالب لا يريدون بذلك المعرفة الحاصلة لعموم الخلق من الكفار وغيرهم، فإن هذه عندهم فطرية ضرورية، أو مكتسبة بنوع من نظر العقل.
وقد تقدم كلام الناس في أن أصل الإقرار بالصانع فطري ضروري، أو قد يكون ضرورياً، خلافاً لمن قال: إنه لا يحصل إلا بالنظر.
وكلام السلف والأئمة في ذلك كثير.
ولهذا كان كثير من أتباعه ممن يقول: إن أول الواجبات هو النظر، وأن المعرفة لا تحصل إلا به، قد يقول خلاف ذلك في موضع آخر.
وقد تقدم أن القاضي أبا يعلى وغيره كانوا يقولون بوجوب النظر في هذه الطريقة: طريقة الأعراض، ثم رجعوا عن ذلك.
ويقولون: إن المعرفة نظرية، وإنها حاصلة بالنظر في الأدلة المذكورة في القرآن.
وكثير من الناس كانوا يقولون أولاً بوجوب النظر المعين الذي توجبه الجهمية والمعتزلة، وهو النظر في حدوث الأعراض ولزومها للأجسام، وأن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، وأنه أول واجب على العباد، ثم رجعوا عن ذلك لما تبين له فساد القول بوجود ذلك.
[كلام أبي يعلى في المعتمد عن وجوب النظر]
ومن هؤلاء القاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وأبو المعالي الجويني،