قيل: هذا أصل حجتكم على نفي الصفات، وقد بين فساده من غير وجه.
وهذه الحجة لا تختص العلم، بل ينفون بها جميع الصفات، وهي من أفسد الحجج، كما قد بين غير مرة، وإن كانت قد أشكلت على طوائف من النظار، وقادتهم إلى أقوال من أقوال أهل النار، وقد تبين فسادها من جهة أن هذا ليس بتركيب في الحقيقة، بل هو اتصاف ذات بصفات لازمة لها، وأن لفظ الجزء ليس المراد به اجتماع بعد افتراق، ولا إمكان افتراق ولا انفصال شيء من شيء، وإنما المراد به ثبوت معان متعددة، وهذا مورد النزاع، ولا دليل على نفيه، بل على ثبوته.
ولفظ الافتقار يراد به التلازم، وهو هنا حق لا محذور فيه.
ويراد به افتقار المعلول غلى علة فاعلة، وهو باطل.
وإذا أريد به افتقار الصفة إلى محلها، ويسمونه هم افتقار المعلول إلى علة قابلة، فهذا لا محذور فيه.
ولفظ الغيرين يراد به المتباينان، وهو هنا ممتنع.
ويراد به ما يمكن العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر، وهو حق.
وثبوت هذا الغير لا بد منه.
[الوجه الخامس]
أن يقال: هب أن هذه الصفة عرضية باصطلاحكم.
فيقال له: إذا كان العلم لازماً لذاته، أو لوجود لذاته، إن قدر أن الوجود زائد على الذات، لم يكن ثبوت لوازمه مفتقراً إلى غيره، فلم يكن هذا منافياً لوجوب الموجود من جميع