وأما استدلاله بقوله:{لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}[المائدة: ٧٢] ، فهذا يسلكه طائفة من الناس، ويقولون قوله تعالى:{لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم}[المائدة: ١٧] ، إشارة إلى أحد أقوالهم الثلاثة، وهو قول اليعاقبة القائلين بأن اللاهوت والناسوت صارا جوهراً واحداً، كالماء واللبن.
وقوله:{وقالت النصارى المسيح ابن الله}[التوبة: ٣٠] ، إشارة إلى قول الملكية.
وقوله:{ثالث ثلاثة} إشارة إلى قول النسطورية الذين يقولون بالحلول، وهو قولهم بالأقانيم الثلاثة.
وليس الأمر كما قال هؤلاء، بل ما ذكره الله تعالى هو قول النصارى جملة.
فإنهم يقولون: إنه الله باعتبار، وإنه ابن الله باعتبار آخر.
وقوله:{إن الله ثالث ثلاثة} بدليل: المراد به قوله: {يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}[المائدة: ١١٦] ، فعبدوا معه المسيح وأمه، فصار ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار.
وأما قوله عن الأشعرية: إذا قالوا الموصوف قائم بنفسه، والصفة قائمة به، فقد أوجبوا جوهراً وعرضاً -فهذا من جنس إلزامه لهم أن يكون جسماً.
فيقولون له: هذا يلزمك إذا قلت: هو حي عالم قادر، فإن الحي العالم القادر قائم بذاته، فإن كان كل قائم بذاته جوهراً، فهو جوهر، وإلا بطل إلزامك.