وأيضاً فهذا إلزام جدلي لا علمي.
وذلك أن نفاة الجسم من أهل الكلام، كالمعتزلة والأشعرية، يقولون: إنما نفيناه للدليل الدال على حدوث الجسم، وأنت قد بينت أنه دليل باطل، ونحن أثبتنا الصفات مع ذلك.
فإذا قلت: الجمع بينهما خطأ، فإن إثبات الصفات يستلزم التجسيم.
قالوا لك: ليس خطؤنا في إثبات الصفات بأولى من خطأنا في نفي التجسيم.
بل أنت تقول: إنا مخطئون في نفي التجسيم.
ولم تقم دليلاً على خطأنا في نفي الصفات.
فإن كنا مخطئين في نفي التجسيم عيناً، لزم إثبات الصفات بلا محذور.
وإن قدر الخطأ في أحدهما بغير تعيين، لم يتعين الخطأ في نفي الصفات إلا بدليل.
وأيضاً فأنت تقول: إن الشرع لم يصرح بنفي التجسيم، وإن التصريح به بدعة.
والشرع قد صرح بإثبات الصفات، فكيف تعيبنا بإثبات ما أثبته الشرع، لكونه مستلزماً لإثبات ما لم ينفه الشرع؟.
ومن المعلوم أن الشرع إذا أثبت شيئاً له لوازم، لم يكن إثبات ذلك بدعة.
وتلك اللوازم، إن كانت ثابتة في نفس الأمر، فلازم الحق حق.
وإن لم تكن لازمة، فلا محذور.
فإن قيل: أنا أقيم دليلاً عقلياً على نفي الجسم غير دليلكم.
كان لهم عن ذلك أجوبة: أحدها: أن يقولوا: فأنت قد أثبت أنه عالم قادر، فإن أمكنك مع ذلك أن تقول: إنه ليس بجسم، أمكنا أن