وأئمة السلف، وابن كلاب، وأمثاله من أئمة الأشعرية، لا يطلقون لا هذا ولا هذا.
وكانوا إذا قالا للسلف: القرآن هو الله أو غير الله؟ لم يطلق الأئمة لا هذا ولا هذا، لما في إطلاق كل منهما من إبهام معنى فاسد، وليس ذلك إثباتاً لقسم ثالث، ليس هو الموصوف ولا غيره، بل يفصل اللفظ المجمل، كما فعل السلف نظير ذلك في لفظ الحيز وأمثاله.
وأما قولهم: يلزم الأشعرية على هذا أن يكون الخالق جسماً، لأنه يكون هناك صفة وموصوف، وحامل ومحمول.
فيقال له: وهكذا يلزم من قال: إنها عالم قادر.
ومن قال: إنه يعلم ويقدر.
فمن أثبت لله الأسماء الحسنى وأحكامها، لزمه ما يلزم من أثبت الصفات.
فالاسم المشتق يدل على المصدر وعلى الفعل، وخبر المخبر بذلك وحكمه يقتضي ثبوت ذلك في نفس الأمر.
ويقال له: كل ما تلزم به الأشعرية وأمثالهم في إثبات الصفات، يلزمونك إياها في كل ما نفيته.
فإذا قلت: الموصوف بالصفة لا يكون إلا جسماً.
قالوا: والمسمى بالحي العالم القادر لا يكون إلا جسماً، والمخبر عنه بأنه يعلم ويقدر لا يكون إلا جسماً، والموصوف يقول القائل: هو عالم قادر لا يكون إلا جسماً.
فإن أمكنك أن تثبت هذا لغير جسم، أمكنهم ذلك.
وإن لم يمكنهم لم يمكنك.
فهذا السؤال لازم لجميع الناس كما يلزم الأشعرية وغيرهم.