والأشعرية هم في إثبات هذه الصفات، مع سائر أهل السنة، والجماعة، لم ينازعهم في إثبات الصفات إلا من هو -عند السلف والأئمة- من أعظم الناس ضلالاً، كالجهمية والمعتزلة.
وإذا قالوا: هو عالم بالعلم، وقادر بالقدرة، لم يريدوا بذلك أن هنا ذاتاً منفصلة عنه، صار بها عالماً قادراً، كما يظنه بعض الغالطين عليهم، فإن هذا لم يقله أحد من عقلاء بني آدم فيما نعلم، ولكن بعضهم، وهم مثبتة الحال، كالقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما، يقولون: إن له صفة هي العلم أوجبت كونه عالماً، وكونه عالماً حال معللة بالعلم.
وأما جمهورهم، وهم نفاة الحال، فيقولون: علمه هو كونه عالماً، وقدرته هو كونه قادراً، ليس هناك أمران، ولا علة ولا معلول.
وهذا قول الأكثرين: الأشعري وغيره.
والمنازع لهم من المعتزلة والفلاسفة يقر بما يوجب موافقتهم، فإنهم يقرون بأن كونه عالماً ليس هو كونه قادراً.
وهذا معنى العلم والقدرة عند أولئك، كما قد بسط في موضعه.
فالنفاة للصفات، من المعتزلة وغيرهم، يقولون: إنه عالم وإنه قادر.
ومنهم من يثبت العالمية والقادرية، ويسمي ذلك حالاً.
وهذا يستلزم عند التحقيق قول مثبتة الصفات.
وكذلك الفلاسفة قولهم يستلزم قول مثبتة الصفات، وإن نفوها تناقضوا.
وأما إطلاق المطلق لفظ الزيادة على الذات، فقد تقدم أن هذا الإطلاق كإطلاق المطلق: أن الصفات لا هي الذات ولا هي غيرها.