وقد علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء في هذه القاعدة بقوله: ما قاله القرافي فيها محل نظر. (٢٨٣) قال القرافي مبينا ذلك، فإنهم خُلِقُوا من نور، ويسيرُ جبريلُ عليه السلام مسيرة سبعة آلاف سنة في لحظة واحدة، ويحمل مدائن لوط الخمسةَ من تحت الارض على جناحه لا يضطرب منها شيء، بل يقتلعها من تحتها على هذا الوجه، ويصعدُ بها إلى الجوّ ثم يقلبُها، وهذا عظيم ... قلت: وفي هذا إشارة إلى قوله تعالى في شأن إهلاك قوم لوط ومدينتهم. {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}. سورة هود. الايتان: ٨٢ - ٨٣. وقد علَّق الشيخ ابن الشاط على ما جاء في هذه القاعدة عند القرافي، بقوله: ما قاله في هذه القاعدة التاسعة عشرة، غيرُ صحيح، لأنه بنَى جميع قوله فيها على نسبة تلك الآثار التي ذكرَها إلى تأثير غير القدرة القديمة على ما ظهر من مساق كلامه، وألله أعلم. قلت: لم يذكر الشيخ البقوري رحمه الله القاعدة العشرين كما ذكرَها القرافي، ولم يتعرض لها في قليل ولا كثير، فهي لا توجد في أيّة نسخة من النسخ المعتمدة عندنا في التحقيق والتصحيح، ولعلّه رأى أن يختصرها، نظرا لطولها، واكتفاءً بالقواعِدِ السابقة. ولأهميتها، وتتميما للفائدة رأيت أن أنقلها عن القرافي حيث جاء فيها قوله: "القاعدة العشرون: التفضيل باختيار الرب تعالى لمن يشاء على من يشاء، ويحكم ما يريد، فيفضِّل أحد المتساويَيْن من كل وجْه على الآخَر، كتفضيل شاة الزكاة على شاة التطوع، وتفضيل فاتحة الكتاب داخل صلاةِ الفرض على الفاتحة خارج الصلاة، فإن والواجب أفضل مما ليس بواجب، وكذلك تفضيل حج الفرض على تطوعه، والأذكار في الصلاة على مثلها خارج الصلاة. ثم قال: إذا تقررت هذه القواعد لأ أسباب التفضيل فاعلم أن هذه الاسبابَ الموجبة للتفضيل قد تتعارض، فيكون الأفضلُ منْ حازَ أكثره وأفضلها، والتفضيل إنما يقع بين المجموعات، وقد يختص المفضوُل ببعض الصفات الفاضلة، ولا يقدَحُ ذلك في التفضيل عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أقضاكمُ عَلِيٌّ، وأفرَضُكُم زيدٌ، وأقْرَؤكم أُبَيٌّ، وأعْلمُكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، رضي الله عنهم أجمعين، مع أن أبا بكر رضي الله عنه أفضل الجميع، وكاختصاص سليمان عليه السلام بالمُلْك العظيم، ونوح عليه السلام بالمئين من السنين، (إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ}. سورة العنكبوت. الآيتان ١٤ - ١٥)، كتفضيل آدم عليه الصلاة والسلام بِكونهِ أبا البشر، مع تفضيل محمد - صلى الله عليه وسلم - على الجميع، فلولا هذه القاعدة، وهي تجويز اختصاص المفضول بما ليس للفاضل لَلَزِم التناقُضُ. واعلم أن تفضيل الملائكة والانبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إنما هو بالطاعات =