للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينبغي أن يُعتَقَدَ فِيمَا يُصيبُونَ فيه أن ذلك على وجه الغالب، لقوله عليه السلام: "إذا نشأتْ بحْرِيَّةٌ ثم تشآمت فتلك عينٌ غَدِيقة"، (٨٨) فهذا يبين ما يجب ويَحرُمُ مِن تَعَلَّمِ أحكامِ النجوم.

القاعدة السادسة

في تمييز الغيبَة التي لا تَحرُمُ من التي تحرم (٨٩)، فأقول أولاً:

الغيبَةُ أن يُذكَر المرءُ بما يَكْره أن يسمعه، قاله عليه السلام، فقيل له: يا رسولَ الله، وإن كان حقاً، قال: "إن قلتَ باطلا فذلِك البتهان". (٩٠) وأعطانا


= ومن يقل بالطبْع أو بالعِلّة ... فذلك كفر عند أهل الملة
ومن يقل بالقوة المودَعة ... فذاك بدْعِيٌ فلا تلتفِتِ
(٨٨) أخرجه الامام مالك رحمه الله في الموطأ في ترجمة الاستمطار بالنجوم. ونقَل فيه الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني شارحُ الموطأ رحمه الله قول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله، حيث قال: لا أعرف هذا الحديث بوجه في غير الموطأ، إلا ما ذكره الشافعي في كتابه (الأمّ) عن محمد بن ابراهيم بن ابي يحيي عن اسحاق بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا نشأت بحرية (اي سحابة بحرية) ثم استحالت شامية فهو امطرُ لها". قال: وابن أبي يحيى وإسحاق ضعيفان لا يُحتج بهما.
ومعنى تشآمت في رواية الموطأ أخَذَتْ نحو الشام واتجهت إليه كما في رواية الامام الشافعي. والشام من المدينة في ناحية الشمال، أي إذا مالت السحابة من جهة الغرب إلى الشمال دلَّتْ على المطر الغزير. ومعنى كلمة غُديقة بالتصغير كثيرة الماء، ومنه الآية الكريمة في قول الله تعالى من سورة الجن، ١٦: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} وقيل: غديقة بفتح الغين على أصلها
كلمة مكبَّرة.
(٨٩) هي موضوع الفرق الثالث والخمسين والمائتين بين قاعدة الغِيبة المحرمة، وقاعدة الغِيبة التي لا تَحْرُمُ". جـ ٤. ص ٢٠٥. هـ.
(٩٠) وأصل النهي عنها في القرآن الكريم قولُه تعالى في سورة الحُجُرات، ١٢: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}، وهذا الحديث الذي أورده الشيخ البقوري هنا نقلا عن كتاب القرافي، ونَصُّهُ بتمامه هو ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أتَدْرون ما الغِيبة؟ قالوا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: ذِكْرُكَ أخاك بما يَكرَه، قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم بكن فيه فقد بهتَه". أخرجه الائمة مسلم وأبو داود الترمذي. وعنه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ من اكبر الكبائر استطالةَ الرجل في عِرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السَّبَّتانِ بالسَّبَّة". وما قيل في الرجل يقال في المرأة، فإن النِساء شقائق الرجال في الأحكام.
وعن عبد الله (ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يبلغْنِي أحد مِنْ أصحابي عن أحدِ شيئا، فإني احب إن اخرج إليكم وأنا سليم الصدر". رواه أبو داود والترمذي رحمهما الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>