للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهما لا يحصل له الجزم، بأنه راه ولو وجد في نفسه أن المرئي هو النفس أو يقول له قائل: هذا النبيُّ.

قلت: لقد ضيَّقت واسعا، وما علَى الذي قلتَه دليل ولا برْهانٌ إلا مجرد دعوى الحق في خلافها. ثم الذي عليه المعَبِّرون خلاف هذا. ثم هذا الاشتراط يُعَطِّلُ زؤية الله ورؤية الملائكة، فإنه يلزمك أن لا تصح رؤية الحق تعالى لأنه لا صورة له، حتى يتمثل لنا صورةً كصورته (٢٣٢).

والله أعلم.

قال شهاب الدين:

"فَرْع " لَو أنَّ رجلا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخبَره بأن امرأته طالقٌ ثلاثا، وهو جازم بأنه لم يُطلّقها، ماذا يصْنَعُ؟

فقال: يُقدِم حال اليقظة على حال النوْم، فلا تُطَلَّق عليه، وهذا لتَطرق الاحتمال للرائي بالغلط في ضبط المثال، وتطرّقُ الاحتمال إلى النوم أقربُ من تطرق الاحتمال لِحَال اليقظة. (٢٣٣)


فيها شيخ البقوري رحمه الله على هذا الكلام عند القرافي، بعد اختصاره كما هو واضح من كلامه فقال: مخاطبا له: لقد ضيقتَ واسعا" ... الخ. فليتاملْ ذلك، والله أعلم.
(٢٣٢) كذا في نسخة الخزانة الهامة بالرباط، ونسخة الخزانة الحسنية بالرباط، وفي نسخة ت: لأنه لا صورة له تتمثل لنا صورة، والله أعلم.
(٢٣٣) عبارة القرافي هنا تزيد المسألة بيانا ووضوحا أكثرَ، حيث قال: "وقع البحث في هذا مع الفقهاء، واضطربت آراؤهم في ذلك بالتحريم وعدمه، لتعارض خبره عليه عليه السلام عن تحريمها في النوم مع إخباره في اليقظة في شريعته أنها مباحة له.
ثم قال: والذي يظهر لي أن إخباره عليه الصلاة والسلام في اليقظة مقدَّمٌ على الخبر في النوم، لِتطَرُّق الاحتمال للرائي بالغلَط في ضبط المثال، فإذا عرضنا على أنفسنا احتمال طُرُوِّ الطلاق مع الجهل به، واحمالَ طُرُوّ الغلط في النِوم، وجَدْنا الغلط في المِثال أيسَرَ وأرْجحَ. ومن هو من الناس يضبط المثال على النحو المتقدم إلا أفرادٌ قليلة من الحفَاظ لصفته عليه الصلاة والسلام. وأما ضبط عدم الطلاق فلا في يختل إلَّا على النادر من الناس، والعملُ بالراجح متعَيّن.
ثم قال: وكذلك لو قال له عن حلال: إنه حرام، أو عن حرام: إنهُ حلال، أو عن حكم من أحكام الشريعة، قدَّمْنا ما ثبت في اليقظة على ما رأى في النوم، لما ذكرناه، كما لو تعارض خَبَرَانِ من أخبار اليقظة صحيحان، فإنا نقدم الارجح بالسند أو باللفظ أو بفصاحته أو قلة الاحمال في المجاز أو غيره، فكذلك خبرُ اليقظة وخبَرُ النوم يُخَرًجانِ على هذه القاعدة." اهـ =

<<  <  ج: ص:  >  >>