للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أنه لا يكون ذلك غِيبة إلا إذا كان غائبا، لقوله أنْ يسمعه، فدَلّ على أنه ليس بحاضر.

واستُثتى من الغِيبةِ ستُّ صُورٍ:

الأولى النصيحة، لقوله عليه السلام لفاطمة بنتِ قِيس: "أما معاويةُ فصعلوك لا مالَ له، وأمّا أبو جَهْم فهو لا يضعُ عصاهُ عن عاتقه. (٩١)

ويُشترَط في هذا القسم أن تكون الحاجة الخاصة ماسة لذلك، وأن يقتصر الناصح من العيوب على ما يُخِل بتلْكَ الصلحة خاصة، التي حصلت المشاورة بها، أو التي يعتقد الناصح. أن المنصوح شَرع فها أو هو على عزم ذلك، فينصحه وإن لم يستشرْه، فإنَّ حفْظ مال الانسان وعرضه ودمِه عليك واجب، وإن لَمْ يَعرض لك بذلك. (٩١ م)


(٩١) عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: أنكحي أسامةَ". رواه الامام مسلم. وفاطمة بنت قيس قرشية فهرية، أخت الضحاك بن قيس، وهي من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمالٍ وفضل وكمال.
والحديث فيه أنها جآت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن طلقها زوجها أبو عمْرو بنُ حفص بن المغيرة، طلاقا ثلاثا، وانقضت عدتها منه، فأخبرته أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جَهْم خطباها، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه (أي مَنْكِبه)، وذلك كناية عن كونه كثير الإذاية والضرب لنسائه)، كما جاء في رواية أخرى: وأما معاوية فصعلوك لا مال له" (أيْ فقير)، فكلمَة لا مال له، صفة كاشفة ومُبَيِّنَة لمعنى كونه صعلوكا.
وفقهُ الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرَ فاطمة بنتَ قيس بعد بينونتها بينونة كبرى من زوجها وانتهاءِ عدتها منه أن تتزوج أسامة بن زيد، وهو مولاه ابنُ مولاه (أي ابنُ عتيقه زيد بن حارثة)، وهي قرشية، وقدَّمه على أكفائها ممن ذُكِر، ولا يُعلَمُ أنه طلبَ من أحد أوليائها إسقاطَ حقه في الولاية عنها حتى تتزوج بغير كفئها.
(٩١ م) كذا عند القرافي في هذا الفرق: "وفي نسخة خ. ع. "فإن حفظ مَالِ الإنسان وعرضِهِ ودمه عليه واجبٌ حِفظُهُ، وإن لم يتعرض بذلك، وفي ت: فإن حفْظ مال الانسان واجِبٌ، ودَمُهُ وعرْضُه عليه حرام وفي نسخة ت: فإن حفظ حال الانسان واجب، ودَمه وعرضه عليه حرام وإن لم يُعَرض بذلك. وفي نسخة ح: فإن حال الانسان وعرَضُه ودَمه عليه حرام، وواجب حفظه وإن لم يعرض بذلك. وإذا كانت عبارة القرافي أوضح وأسلم، فإن المعنى المقصود من مختلف هذه العبارات هو أن هذه الأمور واجبة الحفظ من الِإنسان تجاه نفسه وتجاه غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>