للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داود عليه السلام فهِمَ دون سليمان عليه السلام، وظاهر الآية خلافه، وهذا موضع مشكل.

ووجْهُ الجواب أن المصلحة التي أشار إليها سليمان عليه السلام يجوز أن تكون أعمّ باعتبار ذلك الزمن، بأن تكون مصلحة زَمانهم كانت تقتضي ألا تَخْرُجَ عيْنُ مال الانسان من يده، إمّا لقلة الأعيان، وإما لعدم ضرر الحاجة، وتكون المصلحة الأخرى باعتبار زماننا أتَمَّ، فيعْتَبر الحكْم.

قلت: ولْنَذْكر هنا خمْس مسائل: (٢٢)

المسألة الأولى: قال مالك: مَن استهلك شيئا ممّا يكال أو يوزن كان عليه مِثلُه، وإن استَهلك شيئا من العُروض كان عليه قيمتُه، فلِمَ كان هذا التفريق؟

فالجواب أن ما استُهلك لابد فيه مِن بدَل، فإذا كان ممّا له مِثْلٌ كان أقربَ في معنى البدل الواجب، لأنه أسهَلُ من القيمة، فالقيمة تحتاج إلى اجتهاد، فما صِيرَ إلى القيمة إلَّا لتعذر المِثل الذي هو أسْهَلُ وأحَقُّ في معنى البدلية.

المسألة الثانية: قال مالك: إذا جَنى الغاصب على العين المغصوبة جِنايةً، فإن رَّبَّها مَخَيّرٌ بين أخذِها وأخذِ ما نقصَتْهُ بجنايته، وإذا أصابها أمرٌ من السماء أو غيرُ ذلك من غير فعل الغاصب فربُّها مخيَّرٌ، إن شاء أخَذَها ناقِصة، وإن شاء لم يأخذْها، فلم كان هذا؟ .

فالجواب أنه إذا كانت الجناية من فعل الغاصب فقد تَعدَّى، فوجَبَ أن يوخَذ بتعدِّيه كما لو تعدَّى غيرُ الغاصب، وإذا كانت الجناية من غيرِ فعْله لم يُوجَدْ


(٢٢) هذه المسائل الخمسة هي مما أضافه الشيخ البقوري هنا إلى كتاب شيخه القرافي رحمهما الله، ويوجد منها في نسخة الخزانة العامة مسألتان، بينما توجد المسائل الخمس كلها في كل من نسختى الخزانة الحسنية، ح والخزانه التونسية ت.
وهذه المسائل الاضافية عند البقوري تدل على مدى تمكنه من هذا العلم في القواعد والفروع والاطلاع الواسع على كتبه ومولفاته الوفيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>