للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: ما الفرق بين مسألة الوليين ومسألة الوكيلين وُكِّلا على أن يُزَوّجَهُ كل واحد منهما بامرأة فزوجاه بامرأتين فدخل بإحداهما، فتبيَّن أنها خامسة، فإنها لا يُفِيتُها الدخول إجماعا، فكذلك ها هنا، والجامع بطلان العقد؟

قلت: الفرق بينهما من وجوه: (٩٠).

١) منها أن المانعَ من الصحة في الخامسة هو عقد الرابعة مع ما تَقدَّمَهُ من العقود، والمانِعُ في الولييْن عقدٌ واحد، فهو أخفَّ فسادًا، فَفَاتت بالدخول.

٢) ومنها أن الأولياء، الغالب عليهم الكثرةُ دون الوكلاء، فصوّرُ الوليين مِمَّا يكثر وقوعُها، والقول ببطلان الثاني بعد الدخول يؤدي إلى كثرة الفساد. والخامسة نادرة، فالفساد فيها، الناشيءُ عن الاطلاع والكشفِ قليل.

فإن قلت (٩١): في صورة الشفعة، الشريك مُخَيَّرٌ، وها هنا الزوج الثاني ليس مخيَّرا، بل أنتم تُعيِّنون المرأة له جَزْمًا، فقد زادت صورة الفرع المَقيسِ على صورة الأصل المقيسِ عليه بِوَصْف الملزوم، فلا يصح القياس لِتَبايُن الأحكام.

قلت: الوجه الذي وقع فيه القياس لا اختلاف فيه، لأن القياس إنما وقع وحصل اللزوم في صورة النزاع دون الصورة الأخرى لامتناع الخيار في النكاح، مخافةَ أن تكون المخدَّرات (٩٢) نزلت بالخيار، والسلع قابلة للخيار (٩٣).


(٩٠) أوصلها القرافي إلى عشرة، وذكرها كلّها في كتابه الفروق، واقتصر البقوري على الإثنين الاولين منها، وهو مظهر من مظاهر الاختصار عنده، وجانب من جوانبه، كما يظهر ذلك من فقرة التعليق رقم ٨٩ م، وغيرها. حيث اختصر البقوري ما ذكرتُهُ من زيادة عند القرافي، رحمهم الله جميعا.
(٩١) هذا التساؤل والتعليق وجوابه بهذا التعقيب، وكذا الذي بعده هو من كلام القرافي رحمه الله.
(٩٢) المخدّرات بفتح الخاء، والدال جمع مخدرة، بصيغة اسم المفعول وهي البنت تكون في خدرها. والخدر بكسر الخاء وسكون الدال المهملة ستر (أو ستار) يُمَدّ للجارية في ناحية البيت، ويطلق على ما يُفرَدِّ لها من السكن وتكون مخصوصة، به، وتتوارى وتتستر به. يقال: خدار البنت وأخدرها إذا ألزمها الخدر، أي جعلها تحتجب فيه، وفي الحديث: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا رأى شيئًا يُنكره (أي يكرهه، ولا يرضى عنه) عرفناه في وجهه) ".
(٩٣) ذكر القرافي هنا تساؤلين آخرين وجوابهما، رأيت أن انقلهما وأذكرهما لأهميتهما وفائدتهما، في الموضوع فقال: "فإن قلت: إنما أبطلنا العقد في الشفعة لضرر الشفيع، لأن العقار مال، ورتبة =

<<  <  ج: ص:  >  >>