وأما ما وقع من قوله: يمشي إلى القريب مراعاة لضرورة النذر على وجه الندب دون الإلزام. وقول ابن حبيب يمشي إلى مسجد الجمعة، مشكل يتوقف ذلك على دليل يدل عليه، لما تقدم من القاعدة، وكذلك قول الأصحاب: يمشي إلى المسجد القرب، استحسان من غير مدرك ظاهر، والصواب ما تقدم. وقد علق الشيخ ابن الشاط على هذا الكلام عند شهاب الدين القرافي، وعقب عليه بقوله: ما قاله من أن المساجد مستوية بالنسبة إلى المكتوبة مع تسليمه قبل هذا أن بعضها أفضل من بعض، لا يتبين لي معناه، وإذا لم تكن الاعمال في بعض المساجد أفضل من الأعمال في غيره. فما المراد بفضل بعضها على بعض. وما قاله القرافي هنا من ان الحكم الشرعي متوقف على مدرك شرعي، صحيح، وما قاله من إن الحديث السابق (وهو: لا تعمل المطي إلا لثلاثة مساجد .. ) يقتضي عكس ذلك ليس بصحيح، وقد سبق بيانه. (١٠٢) قال ابن الشاط: إنما لم يجزئ فعل الأعلى عن فعل الادنى وإن كان الاعلى أعظم قدرًا، لأن في ترك الادنى المنذور مخالفة للنذر، وإذا خولف المنذور حصل ارتكاب المنوع، وهو عدم الوفاء لله تعالى بما التزم لوجهه.