وما قاله من أن الرجحان الشرعي يتوقف على مدرك شرعي، صحيح، والمدرك الشرعي من ذلك الأمر المعلوم من الدين ضرورة أن الصلاة المكتوبة في المسجد أفضل منها في غيره، وقوله: بل ورد الحديث المتقدم بعدم ذلك ليس بصحيح، بل ورد بعدم إعمال المطي لا بعدم المشي جملة، فإن إعماله المطي أخص من المشي مطلقا، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم. (١٠١) عبارة القرافي تزيد هذه الفقرة وضوحًا أكثر حيث قال: فمن الأول (وهو ما يكون راجحا في نفسه) الصلاة والحج راجحان في نظر الشرع، كل واحد منهما في نفسه، وليس ضمهما راجحا في نظر الشرع. والصوم والزكاة كذلك، بل قد يكون الفعلان راجحين في نظر الشرع، وضمهما مرجوح في نظره كالصوم والوقوف بعرفة، والتنفيل في المصلى مع صلاة العيد، والركوع وقراءة القرآن، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا وساجدًا، والدعاء في بعض اجزاء الصلاة كما قبل التشهد ونحوه. ومما رجح منفردا ومجتمعًا، الصوم والاعتكاف، والتسبيح والركوع، ونحو ذلك. فاعتقاد رجحان المساجد على غيرها أو رجحان بعضها على بعض لا يوجب اعتقاد ضم الصلاة اليها، لأن اعتقاد الرجحان الشرعي يتوقف على مدرك شرعي ولم يرد، بل ورد الحديث المتقدم بعكس ذلك، وليس لك أن تقول: إن رجحانها إنما يثبت باعتبار الصلاة فيها، فإني أمنع ذلك. بل ما دل الدليل على رجحانها باعتبار الصلاة إلا باعتبار صلاة الفرض دون النفل، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: خبر صلاة أحدكم في بيته، إلا المكتوبة، مع أن المساجد من حيث هي مساجد، مستوية بالنسبة إلى المكتوبة أيضا حتى يرد دليل شرعي يقتضي رجحان بعضها على بعض باعتبار فرض أو نفل،