للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسر المسألة: أن الرحمة غاية الخلق والأمر لا العذاب، فالعذاب من مخلوقاته، وذلك يقتضي أنه خلقه لغاية محمودة، ولا بدّ من ظهور أسمائه وأثر صفاته عمومًا وإطلاقًا، فإن هذا هو الكمال، والربّ جل جلاله موصوف بالكمال، مُنزّه عن النقص.

قالوا: وقد قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٦ - ١٠٧]، وقال: {النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: ١٢٨].

قال أبو سعيد الخدري: «هذه تقضي على كل آية في القرآن»، ذكره البيهقي وحرب وغيرهما (١).

وقال عبد الله بن مسعود: «ليأتينّ على جهنم زمان ليس فيها أحد، وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابًا» (٢).

وعن عمر بن الخطاب وأبي هريرة مثله (٣)، ذكره جماعة من المصنفين في السنة.


(١) «الأسماء والصفات» للبيهقي (٣٣٧)، «مسائل حرب ــ من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب» (١٨٦٨) بنحوه، ورواه عبد الرزاق في «التفسير» (١٢٥١) ــ ومن طريقه الطبري (١٢/ ٥٨١) ــ، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (١٣١٠).
والآية المقصودة هي: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}.
(٢) أسنده ابن المنذر وأبو الشيخ كما في «الدر المنثور» (٤/ ٤٧٨).
(٣) سيذكرهما المصنف قريبًا (٢/ ٣٠٩ - ٣١٠).