لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧]، وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ (١) الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [القصص: ٥٩]، فنزّه نفسه عن هذه الأفعال؛ لأنها لا تليق بكماله، وتنافي حكمته وحمده.
وعند النفاة إنها ليست مما يُنزَّه الربّ عنه؛ لأنها مقدورة له، وهو إنما يُنزَّه عما لا يقدر عليه، ولكن علمنا أنها لا تقع لعدم مشيئته لها، لا لقبحها في نفسها!
فصل
النوع الثاني والعشرون: أن تعطيل الحكمة والغاية المطلوبة بالفعل إما أن يكون لعدم علم الفاعل بها أو بتفاصيلها، وهذا محال في حق من هو بكل شيء عليم.
وإما لعجزه عن تحصيلها، وهذا ممتنع في حق من هو على كل شيء قدير.
وإما لعدم إرادته ومشيئته الإحسان إلى غيره وإيصال النفع إليه، وهذا مستحيل في حق أرحم الراحمين، ومَن إحسانُهُ مِن لوازم ذاته فلا يكون إلا محسنًا مُنعِمًا منّانًا.
وإما لمانع يمنع من إرادتها وقصدها، وهذا مستحيل في حق من لا يمنعه مانع عن فعل ما يريد.
وإما لاستلزامها نقصًا ومنافاتها كمالًا، وهذا باطل، بل هو قلب للحقائق