وقال أبو عبيدة: "منعناهم عن الإيمان بموانع" (١).
ولما كان الغل مانعًا للمغلول من التصرف والتقلب كان الغل الذي على القلب مانعًا من الإيمان.
فإن قيل: فالغل المانع من الإيمان هو الذي في القلب، فكيف ذكر الغل الذي في العنق؟
قيل: لما كان عادة الغل أن يوضع في العنق ناسب ذكره ذكر محله، والمراد به القلب، كقوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: ١٣].
ومن هذا قولهم: إثمي في عنقك، وهذا في عنقك.
ومن هذا قوله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: ٢٩]، شبّه الإمساك عن الإنفاق باليد إذا غُلّت إلى العنق.
ومن هذا قال الفراء: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا}: "حبسناهم عن الإنفاق".
قال أبو إسحاق: "وإنما يقال للشيء اللازم: هذا في عنق فلان، أي: لزومه له كلزوم القلادة من بين ما يلبس في العنق" (٢).
قال أبو علي: "هذا مثل قولهم: طوّقتك كذا وقلَّدتك كذا، ومنه قلّده السلطان كذا، أي: صارت الولاية في لزومها له في موضع القلادة ومكان
(١) نسبه إليه في "البسيط" (١٨/ ٤٥٥).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" (٣/ ٢٣٠) بتصرف.