للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديد» (١).

وفي حديث آخر: «لا تسبّي الحمّى؛ فإنها تُذْهِب خطايا بني آدم» (٢).

ومن أسماء الحمّى: مكفرة الذنوب.

وفي الحديث الصحيح: «يقول الله عز وجل يوم القيامة: عبدي، مرضتُ فلم تعدني، قال: كيف أعودك وأنت ربُّ العالمين؟ قال: مرض عبدي فلان فلم تعده، أما لو عدتَه لوجدتني عنده» (٣). وهذا أبلغ من قوله في الإطعام والإسقاء: «لوجدتَ ذلك عندي»، فهو سبحانه عند المبتلَى بالمرض رحمةً منه له وجبرًا وقربًا منه لكسر قلبه بالمرض، فإنه عند المنكسرة قلوبهم.

وهذا أكثر من أن يُذْكَر.

وربّ الدنيا والآخرة واحد، وحكمته ورحمته موجودة في الدنيا والآخرة، بل ظهور رحمته في الآخرة أعظم، فعذاب المؤمنين بالنار في الآخرة هو من هذا الباب كعذابهم في الدنيا بالمصائب والحدود، وكذلك حبسهم بين الجنة والنار حتى يُهذَّبوا ويُنقَّوا.

وقد عُلِم بالنصوص الصحيحة الصريحة أن عذابهم في النار متفاوت قدْرًا ووقتًا بحسب ذنوبهم، وأنهم لا يخرجون منها جملةً واحدة، بل شيئًا


(١) ذكره بهذا اللفظ أبو عبيد في «غريب الحديث» (٢/ ١٩٢)، ولم أقف عليه مسندًا، وسيأتي في سياق الحديث التالي نحوه.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٧٥) من حديث أم السائب أو أم المسيب، وتمامه: «كما يذهب الكير خبث الحديد».
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٦٩) بنحوه من حديث أبي هريرة.