وعلى القول الأخر: قد يُحتاج إلى حيلة يلزم بها التأجيل.
فالحيلة فيه: أن يُحيل المستقرضُ صاحب المال بماله إلى سنةٍ أو نحوها، بقدر مدة التأجيل، فيكون المال على المحال عليه إلى ذلك الأجل، ولا يكون للطالب ولا لورثته على المستقرض سبيل، ولا على المحال عليه إلى الأجل؛ فإن الحوالة تنقُلُ الحقّ.
ولو أحال المحالُ عليه صاحبَ المال على رجل آخر إلى ذلك الأجل جازت الحوالة، فإن مات المحال عليه الأول لم يكن لصاحب المال على تَرِكَتِه سبيل، ولا على المحال عليه الثاني.
المثال السادس والسبعون: إذا رَهَنه دارًا أو سِلعة على دَين، وليس عنده من يشهد له على قَدْر الدَّين ويكتبه، فالقول قول المرتهن في قدره، ما لم يَدَّع أكثر من قيمته، هذا قول مالك.
وقال الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد: القولُ قولُ الراهن.
وقول مالك هو الراجح، وهو اختيار شيخنا رحمه الله؛ لأن الله سبحانه جعل الرهن بدلًا من الكتاب، يشهدُ بقدر الحق، والشهود التي تشهد به، وقائمًا مقامه، فلو لم يُقبل قول المرتهن في ذلك بطلت التَّوْثِقَةُ من الرّهن، وادَّعى المرتهن أنه رهَن على أقل شيء، فلم يكن في الرهن فائدة، والله سبحانه [٩٩ أ] قد قال في آية المُداينة التي أرشد بها عباده إلى حفظ حقوق بعضهم على بعض خشية ضياعها بالجحود أو النسيان، فأرشدهم إلى حفظها بالكتاب، وأكَّد ذلك بأن أمرَهَم بكتابة الدَّين، وأمر الكاتب أن يكتب، ثم أكد ذلك بأن نهاه أن يأبى أن يكتب، ثم أعاد الأمر بأن يكتب مرة أخرى،