أمُّه امرأتَه الصغيرة لينفسخ نكاحُها؛ فإن فَسْخَ النكاح هاهنا لا يتوقف على العَقْل، ولا على القَصْدِ، بل لو كانت المرْضعة مجنونةً ثبتَ التحريم فهو بمنزلة أن يُلْقي في مائعه ما يُنَجّسه.
قال: وإن كانت الحيلةُ فعلًا يُفْضي إلى تَحليل له أو لغيره، مثل أن يَقْتلَ رجلًا ليتزوج امرأته، أو يُزوّجها غيره، فهنا تحلّ المرأةُ لغير مَنْ قصدَ تزويجها به؛ فإنها بالنسبة إليه كمن مات عنها زوجُها، أو قُتل بحق، أو في سبيل الله.
وأما بالنسبة إلى من قصد بالقتل أن يتزوّج المرأة إما بمواطأةٍ منها أو بدونها؛ فهذا يُشبه من بعض الوجوه ما لو خَلّل الخمرَ بنَقْلها من موضعٍ إلى موضع، من غير أن يطرحَ فيها شيئًا.
والصحيح: أنها لا تطهرُ، وإن كانت تطهر إذا تخلّلتْ بفعل الله تعالى، وكذلك هذا الرجل، لو مات بدون هذا القصد حَلّت المرأةُ، فإذا قتله لهذا القصْدِ أمكن أن يُقال: تحرُمُ عليه، مع حِلّها لغيره.
ويُشبه هذا: الحلالُ إذا صاد الصيد وذَبَحه لحرام؛ فإنه يحرمُ على ذلك المحرم، ويَحِلُّ للحلال.
ومما يؤيد هذا: أن القاتل يُمنَعُ الإرث، ولا يُمنعه غيرُه من الورثة، لكن لما كان مالُ الرجل تتطلع إليه نفوسُ الورثة كان القتلُ مما يُقصَد به المال، بخلاف الزّوجةِ؛ فإن ذلك لا يكاد يُقصد، فإن التفاتَ الرجل إلى امرأة غيره بالنسبة إلى التفات الوارث إلى مال الموروث قليل، وكونُه يقتله ليتزوجها فهذا أقلّ.