للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمحتال لإسقاطها مناقضٌ لمقصود الشارع، مُضادٌّ له في حُكمه، فالشارع يقول: لا يحلُّ له أن يبيعَ حتى يُؤذِنَ شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، والمحتال يقول: لك أن تتحيّل على منع الشريك من الأخذ بأنواع من الحيل، التي ظاهرها مَكْرٌ وخداع، وباطنها مَنْعُ الشريك مما أباحه له الشارع ومكّنه منه، وتفويتُ نفس مقصود الشارع.

والمصيبةُ الكبرى إظهار المحتال أنه إنما فعل ما أذن له الشارع في فعله، وأنه مكّنه من المكر والخداع، والتحيل على إسقاط حق الشريك، وهذا بَيّن لمن تأمله.

قال: والمقصود بيان تحريم الحيل، وأن صاحبَها متعرّضٌ لسخط الله تعالى وأليم عقابه، ويترتبُ على ذلك أن يُنقضَ على صاحبها مقصوده منها بحسب الإمكان، وذلك في كل حيلة بحسبها، فلا يخلو الاحتيال إما أن يكون من واحد أو اثنين فأكثر.

فإن كان من اثنين فأكثر، فإن كان عقدَ بيع تواطآ عليه تَحيُّلًا على الربا، كما في العِينَة؛ حُكم بفساد العَقْدَين، ويُرَدّ إلى الأول رأسُ ماله، كما قالت أمّ المؤمنين عائشة (١) رضي الله تعالى عنها، وكان بمنزلة المقبوض بعقد ربًا، لا يحل الانتفاع به، بل يجبُ رَدُّه إن كان باقيًا، وبَدَلُهُ إن كان تالفًا.

وكذلك إن جَمعَا بين بيع وقَرْضٍ، أو إجارة وقرض، أو مُضاربة أو شركة أو مُساقاة أو مزارعةٍ وقرض، حُكم بفسادهما، فيجب أن يُرَدّ عليه بدلُ ماله الذي جعلاه قرضًا، والعقد الآخر فاسد، حكمه حكم العقود الفاسدة.


(١) أخرجه الدارقطني (٣/ ٥٢)، والبيهقي (٥/ ٣٣٠، ٣٣١). وفي إسناده جهالة.