الثالث: أن هذه البشارة لو كانت بشَمُويِل أو غيره من بني إسرائيل لم يصحّ أن يقال: بنو إسرائيل إخوة بني إسرائيل، وإنما المفهوم من هذا: أن بني إسماعيل أو بني العيص هم إخوةُ بني إسرائيل.
الرابع: أنه قال: «أُقِيمُ لهم نبيًّا مثلك»، وفي موضع آخر:«أُنْزِلُ عليه توراةً مثل توراة موسى».
ومعلوم أن شمويل وغيره من أنبياء بني إسرائيل لم يكن فيهم مثل موسى، لا سيما وفي التوراة:«لا يقومُ في بني إسرائيل مثلُ موسى».
وأيضًا فليس في بني إسرائيل مَنْ أُنزل عليه توراةٌ مثل توراة موسى إلا محمدٌ والمسيح صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، والمسيح كان من أنْفُسِ بني إسرائيل، لا من إخوتهم، بخلاف محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإنه من إخوتهم بني إسماعيل.
وأيضًا فإن في بعض ألفاظ هذا النص:«كلُّكم له تسمعون»، وشَمُويِلُ لم يأت بزيادة ولا نسخ، لأنه إنما أُرسل ليقوّي أيديهم على أهل فلسطين، وليَرُدّهم إلى شرع التوراة، فلم يأت بشريعةٍ جديدة، ولا كتابٍ جديد، وإنما حكمه حكم سائر أنبياء بني إسرائيل، فإنهم كانت تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبيٌّ قام فيهم نبي.
فإن كانت هذه البشارةُ بشمويل فهي بشارةٌ بسائر الأنبياء الذين بُعثوا فيهم، ويكونون كلهم مثل موسى عليه السلام، وكلهم قد أنزل عليهم كتاب مثل كتاب موسى عليه السلام.