(باب: قول اللَّه تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ}) قوله ({ذِكْرُ}) خبر {كهيعص (١)} إن أُوِّل بالسورة أو بالقرآن، أو خبر محذوف، أي: المتلو ذكر رحمة ربك، أو مبتدأ خبره محذوف، أي: فيما أوحي إليك ذكر رحمة ربك: ({عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}) فيه أربع لغات المد، والقصر مع بقاء الألف، وحذفها مع تشديد الياء، وتخفيفها وهو مصروف في التشديد ممنوع الصرف في غيره ({إِذْ}) متعلق برحمة. ({نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}) أي: سرًّا في جوف الليل؛ لأنه أسرع للإجابة، ولأنه أبعد من الرياء وأدخل في الإخلاص.
({قَال رَبِّ إِنِّي وَهَنَ}) أي: ضعف. {الْعَظْمُ مِنِّي} المراد: ضعف جميع بدني، وإنما خصَّ العظم؛ لأنه كالأس للبناء، فإذا ضعف الأس ضعف البناء، ولأنه أصلب ما في الإنسان فإذا ضعف ضعف غيره بالأولى ({وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}) شبه الشيب في بياضه بشواظ النار، وانتشاره في الشعر باشتعالها، ثم أخرجه مخرج الاستعارة ثم أسند الاشتعال إلى الرأس الذي هو مكان محل الشيب مبالغة، وجعل الشيب مميزًا إيضاحًا للمقصود، وقوله:({إِذْ نَادَى}) إلى آخره ساقط من نسخة.
(إلى قوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}) قال ابن عباس: أي: (مثلًا) لأنه كان سيدًا وحصورًا، أي: مبالغًا في حبس نفسه عن الشهوات والملاهي، وقال في رواية أخرى: أي: لم يسم أحد قبله بيحيى، وفيه فضيلة ليحيى إذ تولى اللَّه تسميته باسم لم يسبق إليه ولم يكلها إلى أبويه. ({رَضِيًّا}) يعني في قوله تعالى: {وَاجْعَلْهُ