للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا" أنّ" فمعناها كمعنى" إنّ" فى التّحقيق، إلّا أنّها تعطى الجملة الّتى تدخل عليها معنى المفرد، تقول: بلغني أنّ زيدا قائم، التقدير: بلغني قيام زيد، وقد استعملها الخليل بمعنى (١) " لعلّ".

وأمّا" كأنّ":/ فمعناها التّشبيه، تقول: كأنّ زيدا قائم، والأصل فيها: أنّ" الكاف" للتشبيه، دخلت على" أنّ" المفتوحة، فصارا جميعا للتّشبيه، ألا ترى أنّ الأصل في قولك: كأنّ زيدا الأسد: أنّ زيدا كالأسد، فنقلت الكاف إلى" أنّ"؟ وزعم بعضهم أنّها إذا كان خبرها اسما جامدا، كانت تشبيها، نحو: كأنّ زيدا الأسد، وإذا كان مشتقّا، كانت شكّا (٢)، نحو: كأنّ زيدا قائم، وتكون واجبة في قولك: كأنك بزيد قد جاء.

وأمّا" لكنّ": فمعناها الاستدراك؛ وتجئ متوسطة بين كلامين متناقضين نفيا وإيجابا؛ فيستدرك بها النّفي بالإيجاب، والإيجاب بالنّفي، تقول: جاءنى زيد لكنّ عمرا لم يجئ، وما جاءنى زيد لكنّ عمرا جاءنى؛ والتّناقض في المعنى بمنزلته في الّلفظ، تقول: فارقنى زيد لكنّ عمرا حاضر، وجاءنى زيد لكنّ عمرا غائب، ومثله قوله تعالى: وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ (٣).

وأمّا" ليت": فمعناها التمنّى، تقول: ليت زيدا قائم، فأنت تتمنّى قيامه أن يقع.

وأمّا" لعلّ": فمعناها التوقّع والرّجاء، وقيل الطّمع والإشفاق، وهي


(١) الكتاب ٣/ ١٢٣.
(٢) هذا رأي الكوفيّين والزجّاجيّ وابن الطّراوة. انظر: الهمع ٢/ ١٥١ وابن الطراوة النحويّ ١٢٣.
(٣) ٤٣ / الأنفال.