و" أحسن" نصب المصادر، و" أفعل" إنما يضاف إلى ما هو بعضه فيجب أن يكون التّقدير: سرت أشدّ السّير سيرا، وصمت أحسن الصّيام صياما؛ ليصحّ الكلام، ويجوز أن تنصبه على أنّه صفة مصدر محذوف، تقديره:
صمت صياما أحسن الصّيام، ولا اعتبار بإضافة" أحسن" إلى المعرفة؛ فإنّها إضافة غير حقيقيّة.
الحكم الثالث: المصدر يتقدم على فعله إذا كان متصرّفا، تقول: ضربا ضربت، والضرب الشّديد ضربت، والصّمّاء اشتملت؛ وإنّما جاز ذلك لأنّه مفعول، والمفعول لا يلزم مرتبة، وبعضهم (١) يجيز تقدّمه على الجملة، نحو:
حقّا هذا زيد، ومنهم من لا يجيزه (٢)، وأجاز الزّجّاج (٣): زيد حقّا أبوك؛ حملا على قول الأحوص (٤):
إنّى لأمنحك الصدود وإنّنى ... قسما إليك مع الصّدود لأميل
الحكم الرّابع: المصدر لا يثنىّ ولا يجمع؛ لأنه جنس، والجنس لا حصر له، إلا إذا اختلفت أنواعه جاز تثنيته وجمعه، مبهما ومؤقّتا.
أمّا المؤقّت - وهو المختصّ - فتقول فيه: ضربت ضربتين، وضربات، إلّا أنّ الجمع أنقص توقيتا من المفرد والمثنّى؛ لأن/" ضربات" يصلح لعقود
(١) - فى ابن يعيش ١/ ١١٦:" وأمّا سيبويه فلم يمنع من جواز تقديم" حقّا" بل قال فى الاستفهام:" أجدك لا تفعل كذا وكذا" كأنه قال: أحقا لا تفعل كذا وكذا، ففى ذلك إشارة إلى جوازه ... ".
(٢) - وهو الزّجّاج، قال ابن يعيش فى الموضع السابق:" وقال الزجاج: إذا قلت هذا زيد حقّا، وهذا زيد غير قيل باطل، ولم يجز تقديم" حقا" لا تقول: حقّا هذا زيد".
(٣) - انظر: ابن يعيش فى الموضع السابق أيضا؛ ففيه بقيّة كلام الزجاج، وهو:" ... فإن ذكرت بعض الكلام فوسطته وقلت: زيد حقّا أخوك، جاز".
(٤) - انظر: شعر الأحوص ١١٧.
والبيت من شواهد سيبويه ١/ ٣٨٠.
وانظر: المقتضب ٣/ ٢٣٣، ٢٦٧، وابن يعيش ١/ ١١٦، والخزانة ٢/ ٤٨ و ٤/ ١٦٢.