يأبى التخصيص لا محالة والمنازع مكابر. وإما أن يكون تقديره حكمي على الواحد كحكمي على الجماعة وهو كذلك لأن معناه إني إذا حكمت على جماعة بشيء لزمهم ذلك كذلك إذا حكمت على واحد منهم به لزمهم ذلك.
وأجاب بأن هذا الحديث محمول على أن حكم الجماعة حكم الواحد بقياس الجماعة على الواحد أو نقول سلمنا أن حكم الواحد حكم الجماعة لكن بهذا الحديث لا لأن الخطاب يتناول الجميع ولا بد من ذلك جمعا بين الأدلة.
وفيه نظر أما الأول فلما فيه من التمحل الظاهر وأما في الثاني فلأنا نقطع بأن قوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي:" قم فصل فإنك لم تصل " عم غيره ولا يسند إفادة عمومه إلى قوله حكمي على الواحد حكمي على الجماعة إلا إذا علم تقدمه على الحديث الأعرابي وهو ممنوع.
والثالث: أن الصحابة - رضي الله عنهم - حكموا على الأمة بحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - على واحد كحكمهم بوجوب الرجم على كل زان محصن , وقطع كل سارق بحكم ما عز وسارق المجن وهو دليل واضح على المطلوب.
وأجاب بأنهم كانوا حكموا للتساوي في المعنى ألا ترى أنه إذا لم تتساوى الصورتان في المعنى الموجب لا يجوز ذلك لكونه على خلاف الإجماع على وجوب التساوي بين المقيس والمقيس عليه في المعنى الموجب.
وفيه نظر لأنه مصادرة فإنه إنما يلزم خلاف الإجماع على تقدير حكمهم مع عدم التساوي أن لو كان حكمهم بطريق القياس وهو المتنازع فيه.
والرابع: أنه لو كان خاصا بالمخاطب لكان قوله - عليه السلام - لأبي بردة ابن نيار لما ضحى بعناق:" تجزئك ولا تجزئ أحدا "