والحاصل: أَن الاسم فِي نحو: (أما زيدًا فاضربه): منصوب بمحذوف بعده، والتّقدير: (أما زيدًا فاضرب اضربه) فحذف المفسَّر بفتح السّين وهو الناصب لـ (زيدًا)، ثم زحلقت الفاء منه إِلَى المفسِّر بكسر السّين، فحصل: (أما زيدًا فاضربه).
وكذا قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}، بنصب (ثمود) نقلًا عن عاصم والأعمش.
وظاهر كلام مكي: أَن الفعل مقدر قبل (ثمود)، وأن (أما) يليها الفعل؛ لأَنَّها نائبة عنهُ، قال: وتقدير النّصب: (مهما يكن من شيء فهدينا ثمود هديناهم).
والظّاهر: أنه لا يلزم من كونها نائبة عن الفعل: أَن يليها الفعل:
فيقال: (مهما يكن من شيء فاضرب زيدًا).
ولَا يقال: (أما فاضرب زيدًا).
بَلْ يشرع فِي عمل آخر، وهو تقديم (زيدًا) علَى (اضرب)؛ نحو: (أما زيدًا فاضرب) علَى ما سبق ذكره.
لكن يجوز أَن يقال: إنَّه قَدْ يليها الفعل؛ لأنه ملتزم الحذف، وهم يغتفرون فِي المقدر ما لا يغتفرون فِي الملفوظ به، كما عُلم.
وسبق كلام ابن هشام فِي الفاعل فِي قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}، وأنه فِي معنَى: (مهما يكن من شيء فربك كبر).
ولَا يجوز: (أما زيدًا فإِني ضارب)؛ لأنَّ ما بعد (إِنَّ) لا يعمل فيما قبلها، خلافًا للمبرد.
وتعمل (أما) فِي الظّرف؛ نحو: (أما اليوم فإِني ذاهب)؛ لأنَّ فيها معنَى الفعل الّتي نابت عنهُ.
وتوسع الفراء: فجعل العامل فيها (ذاهب)؛ لأنه ظرف؛ كما جعل بعضهم اللّام فِي قوله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} متعلقة بـ {فَلْيَعْبُدُوا}، والحال: أنه بعد الفاء مع غير (أما) ونحوها، والتّقدير: (فليعبدوا لإِيلافهم)؛ أَي: من أجل إلفِهِم.
والزّجاج: أنها متعلقة بـ {فَجَعَلَهُمْ} من سورة الفيل؛ لأنهما فِي مصحف أبيٍّ رضي اللَّه تعالَى عنهُ سورة واحدة بِلَا فصل.
والأخفش: متعلقة بـ (اعجبوا) محذوفًا.
واللَّه الموفق