كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك

ومثله قولهم: (ظِربان)، و (ظَرابي)، والأصل: (ظَرابين) فأبدلت النون ياء كما سبق.

ومن العرب من يقول: (أناسين)، و (ظرابين) على الأصل من غير إبدال؛ كقول الشاعر:

أهْلًا بِأَهْلٍ وَبَيتًا مثلَ بَيْتِكُمُ ... وبالأَناسِينِ أَبْدَالِ الأناسينِ (١)

وهو حجة على ابن عصفور رحمه اللَّه حيث قال: الإبدال فيه لازم.

واللَّه الموفق

ص:

٨٢٥ - وَبِفَعَالِلَ وَشِبْهِهِ انْطِقَا ... فِي جَمْعِ مَا فَوْقَ الثَّلَاثَةِ ارْتَقَى (٢)

(١) التخريج: البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية ٤/ ٥٣١، ونسب في المخصص ج ١/ ١٦ لرويشد.
المعنى: قائل هذا يسلي شخصًا مصابًا بأهله نازحًا عن داره ووطنه الذين فقدهم وأصيب بهم، وقَدَم على قوم أحسنوا إليه غاية الإحسان، حتى كأنه اجتمع بأهله في وطنه ولم يفقد أحدًا منهم.
الإعراب: أهلًا بأهل: منصوب بفعل محذوف تقديره: أتيت أهلًا، والباء في قوله: بأهل للمقابلة؛ كما في قولك: هذا بذاك، أي: أتيت أهلًا عوضًا عن أهلك، قوله: وبيتًا: عطف على أهلًا، أي: وأتيت بيتًا مثل بيتكم؛ أي: عوضه, قوله: وبالأناسين: عطف على قوله: بأهل، والمعنى: وعوضت عوضه بالأناسين. وقوله: أبدال الأناسين: يجوز بالجر: على أنه صفة للأناسين الأول، وبالرفع: على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم أبدال الأناسين، والجر أظهر، والأبدال: جمع بدل، وأراد به العوض، وأراد بالأناسين الأول: الأناسين الذين قدم عندهم، وبالثاني: الأناسين الذين فقدهم وأصيب بهم.
الشاهد: قوله: (بالأناسين) فإنه جمع إنسان، وتبدل من النون الياء، فيقال: أناسيّ، وهذا إبدال غير لازم، وبه يرد على ابن عصفور؛ حيث ادعى بلزوم هذا البدل؛ إذ لو كان لازمًا لما جاء في الشعر هكذا.
(٢) وبفَعالل: الواو عاطفة أو للاستئناف، بفعالل: جار ومجرور متعلق بقوله: (انطقا) الآتي. وشبهه: الواو عاطفة، شبه: معطوف على فَعالل، وشبه: مضاف، والهاء: مضاف إليه. انطقا: انطق: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة للوقف. في جمع: جار ومجرور متعلق بقوله: انطقا، وجمع: مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إليه. فوق: ظرف متعلق بقوله: ارتقى، وفوق: مضاف، والثلاثة: مضاف إليه. ارتقى: فعل ماض، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى ما الموصولة، والجملة من ارتقى وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة الموصول.