فأخبر عن (إنارة)، بـ (مكسوف) لاكتسابه التّذكير من العقل.
قيل: ومنه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
وقيل: أريد بـ (الرّحمة): (المطر).
وقيل: (فعيل) يخبر به عن المفرد وغيره مطلقًا.
وقوله تعالَى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}، فاكتسبت (الأعناق) التّذكير من ضمير الذّكور.
وقيل: المراد بـ (الأعناق): (كبارُهم).
* فإِن لم يصلح المضاف للحذف .. لم يكتسب شيئًا من الثّانى، فَلَا يقال: (قام بنت زيد)، و (لَا قامت غلام هند)؛ إِذ لو قيل: (قام زيد)، و (قامت هند) .. لم يعلم: (قيام البنت، والغلام).
* وقد يكتسب الأول من الثّاني البناء؛ كقولِهِ تعالَى {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} بفتح لام (مثل): وهو صفة (لحق)، فبني لإِضافته للمبني وهو (أنكم)، و (ما): صلة، وهو حينئذ فِي محل رفع؛ لأنه صفة (لَحقٌّ) كما ذكر.
وقال الجرمي: حال من (لَحقٌّ).
وقال مكي: انتصب علَى حذف الكاف؛ أَي: كـ (مثل نطقكم)، و (ما): صلة.
والمازني: جعل (مثل) و (ما): اسمًا واحدًا، فبني علَى الفتح.
وقرأ نافع والكسائي: (مِن عذاب يومَئذ)، بفتح الميم علَى البناء لإِضافته للمبني.
ومنه قراءة: (أَن يصيبكم مثلَ ما أصاب) بفتح اللّام.
وقال المصنف: الفاعل: ضمير يرجع (لله)، و (مثل): نعت لمصدر محذوف؛ أَي: (إصابة مثل).
وكذا قراءة: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بفتح النّون مع أنه فاعل.
وقيل: نصبه علَى الظّرف أولَى من دعوَى البناء.
الشاهد: قوله: (إنارة العقل مكسوف)؛ حيث أعاد الضمير مذكرًا من مكسوف على إنارة، وهو مؤنث، والذي سوغ ذلك -مع وجوب مطابقة الضمير لمرجعه-: كون المرجع مضافًا إلى مذكر هو العقل، فاكتسب التذكير منه.