بِبَدَلٍ عَنِ النَّفْسِ وَلَا عُضْوِ دِيَتُهُ كَالنَّفْسِ فَلَا تَحْمِلُهُ كَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُ الْجَانِي بالغرم الْعَمْدِ فَإِذَا أَسْقَطَ الشَّرْعُ عَنِ الْجَانِي الْغُرْمَ لِعُذْرِ الْخَطَأِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِسْقَاطِ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا جعلت على الْعَاقِلَة لَيْلًا يَسْتَوْعِبَ الْجَانِي وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَتَضِيعُ الْجِنَايَةُ فَجَعَلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ فِيهِ ذَلِكَ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْحَمْلَ مُوَاسَاةٌ عَلَى قَاعِدَةِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْمُوَاسَاةِ فِي الْقَلِيلِ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ غُرَّةَ الْجَنِينِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَاحْتَجَّ (ح) بِمَا ثَبَتَ فِي الْجَنِينِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ خِلَافُ الْأُصُولِ وَالْقِيَاسُ عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا لَا تُقَاسُ الْعِمَامَةُ عَلَى الْخُفِّ وَلَا يَسِيرُ الدَّمِ عَلَى الطِّحَالِ وَالْجَرَادِ وَلِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى جُزْءٍ خَطَأٍ فَتُحْمَلُ قِيَاسًا عَلَى الثُّلُثِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمْوَال والجوال عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ غُرَّةَ الْجَنِينِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِنَفْسٍ فَأَشْبَهَتْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) فِي الْوَصِيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَمْوَالَ تَنْدُرُ الْكَثْرَةُ فِيهَا فَلِذَلِكَ سَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَالْغَالِبُ فِي الدِّمَاءِ الْكَثْرَةُ لِخَطَرِهَا فَلِذَلِكَ حَقَّقَ الشَّرْعُ فِيهَا ثُمَّ الْقِيَاسُ مُنْعَكِسٌ عَلَيْكُمْ فَنَقُولُ فَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْقَلِيلَ كَالْأَمْوَالِ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ عَنْ دَمٍ حُرٍّ احْتِرَازًا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ح) تَحْمِلُهُ وَعِنْدَ (ش) الْقَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقِيمَةَ هَلْ هِيَ بَدَلٌ عَنْ مَالِيَّةِ الْعَبْدِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute