للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدَة من أحصاها دخل الْجنَّة فَهَذِهِ استثناآت فِي الْأَعْدَادِ لَنَا عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا من اتبعك من الغاوين} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَاوِينَ أَكْثَرُ وقَوْله تَعَالَى {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} فَمَجْمُوعُ الِاثْنَيْنِ يَبْطُلُ الْقَوْلُ بِمَنْعِ الْمُسَاوِي وَحَصَرَ الْجَوَازَ فِي الْأَقَلِّ لِأَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ إِنْ كَانَ أقل من الآخر أَكْثَرُ وَقَدِ اسْتُثْنِيَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ اغْتَبَطَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنِ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَر إِنَّمَا مَعَ كَذَا كَوْنُ الْمُتَكَلِّمِ مُقَدَّمًا فِي كَلَامِهِ عَلَى حُسْنِ كثير كَذَا هُوَ عَالِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ فَإِنَّ الْمُسْتَثْني إِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ إِلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَكْثَرَ كَلَامِهِ هَدَرٌ فَإِقْدَامُهُ عَلَى ذَلِكَ قَبِيحٌ فَالْآيَةُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ عِنْدَ صُدُورِ هَذَا الْخِطَابِ لِإِبْلِيسَ لَا يَتَعَيَّنُ الْغَاوِي مِنَ الْمُخلصِ فَلَا لَمس الْكَلَام بِالْهَدَرِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ أَبْطَلَ جُمْلَةَ الْكَلَامِ كَوْنُهُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ حَالَةَ التَّعْلِيقِ نَحْوَ أكْرم بني تَمِيم إِن جاؤك يَجُوزُ أَنْ لَا يَجِيئُهُ أَحَدٌ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ كَلَامِهِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ فَاعْلَمْ هَذَا الْمَوْضِعَ فَهُوَ حَسَنٌ وَلنَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه أَو انقص مِنْهُ قَلِيلا} فَقَدِ اسْتَثْنَى الثُّلُثَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّخْصِيصِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَكْثَرِ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّيْءِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ احْتَجُّوا بِأَنَّ كَلَامَ الْعَرَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِصَارِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>