للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا رفاقي فيها فلست أذكر منهم إلا المهندس صلاح شيخ الأرض، وقد كان هنا منذ سنوات. والمحامي الشاعر عبد الحكيم مراد، ولم أرَه من ثلاثين سنة وأحسب أنه في الكويت. والأستاذ حسن السقّا الكيميائي، ولست أدري ما فعل الله به.

ومن ذكريات هذه المدرسة الباقية في نفسي أن حاكم دمشق العسكري الجديد، وهو رضا باشا الركابي الذي كان أعلى عربي رتبةً في الجيش العثماني، زار المدرسة يوماً. فدخل علينا الفصل ووراءه وزير المعارف ورؤساء التعليم ومدير المدرسة، وكان بلباس «الجنرال» العسكري، والشارات على كتفيه والأوسمة على صدره. وكان الأستاذ حسني قد حفّظنا قصيدة الحِلّي: «سَلي الرّماحَ العوالي عن معالينا»، ولكنه بدّل البيت الثاني (١) فجعله:

وسائلي العُرْبَ والألبانَ: ما فعَلَتْ ... بعسكرِ التركِ والألمانِ أيدينا؟

وكان حسن السقّا يُلقيها بصوت عالٍ وحماسة بالغة، فقاطعه الباشا وسأله: من علّمَك هذا؟ فارتعب وأشار إلى الأستاذ، فمدّ الباشا يده إلى الأستاذ، ولكن الأستاذ كان قد اصفرّ لونه، ولولا


(١) مطلع قصيدة صفي الدين الحلي هو:
سَلي الرّماح العَوالي عن مَعالينا ... واسْتَشهدي البِيضَ: هل خاب الرّجا فينا؟
وسائلي العُرْبَ والأتراكَ: ما فعلت ... في أرضِ قبرِ عُبَيد الله أيدينا؟
(مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>