من رفاقه تحت زيتونة كانت هنا، فقال الناس «الستة بالزيتونة»، ثم نسوا القصة فقدّسوا الشجرة وسمّوها «ستي زيتونة»!
أما السلطانية الثانية التي دخلتها فقد فُتحت بعد دخول الشريف فيصل بن الحسين ولورانس الإنكليزي دمشق، وكانت ابتدائية وسلطانية (أي ثانوية)، مدير القسم الابتدائي الأستاذ شريف آقبيق (وقد سمعت أنه لا يزال حياً، قوّاه الله)، ومدير الثانوي و «المدير العام» هو شيخ المعلمين الرسميين في الشام الأستاذ سعيد مراد (١).
وكان من معلمينا فيها شابّ (أعني أنه كان يومئذٍ شاباً) من نابلس، هو أول من علمني الإنشاء العربي: كان يأخذ مقالات المنفلوطي فيجعلها بحيث نفهمها ثم يكلّفنا أن نكتب مثلها، وكانت مزيّته الأولى صوته، فما عرفت -على كثرة ما سمعت من الأصوات- ما هو أحلى منه وأطرب. وقد أنشد يوماً في اجتماع عام نشيد «ويلي على أوطاني .... من غارةِ العُدوانِ» أمام الشريف فيصل، فأُعجبَ به فجعله مدرّس الموسيقى في السلطانية الأولى. ثم صار مدرساً سيّاراً لها، يدور على المدارس فيكون يومُ وصوله فرحةً للمدرسة، وكان ممّن ينظم الأناشيد العربية أو يترجمها عن التركية ويُلبِسها النغمة الأصلية. وهو الأستاذ حسني كنعان، وسأعود إلى الكلام عنه، فقد استمرّت اتصالاتنا حتى توفاه الله سنة ١٩٨٠ رحمه الله.
(١) انظر الحديث عنه في مقالة «مع بعض مشايخي» في كتاب «رجال من التاريخ، ص٤٦٠ - ٤٦٢، وفي آخرها ذكر للأستاذ شريف آقبيق أيضاً (مجاهد).